الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون  الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل له مقاليد السماوات والأرض والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون  قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون  ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين  بل الله فاعبد وكن من الشاكرين  وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون  ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون  وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون  ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون  

وينجي الله من جهنم الذين اتقوا بمفازتهم يعني بنجاتهم بأعمالهم الحسنة لا يمسهم السوء يقول : لا يصيبهم العذاب ولا هم يحزنون الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل يقول : رب كل شيء من الخلق له مقاليد السماوات والأرض والذين كفروا من أهل مكة بآيات الله يعني بآيات القرآن أولئك هم الخاسرون في العقوبة قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون وذلك أن كفار قريش دعوا النبي صلى الله عليه وسلم إلى دين [ ص: 139 ] آبائه فحذر الله عز وجل النبي صلى الله عليه وسلم أن يتبع دينهم فقال : ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك من الأنبياء لئن أشركت بعد التوحيد ليحبطن يعني ليبطلن عملك الحسن إضمار الذي كان ولتكونن من الخاسرين في العقوبة.

ثم أخبر بتوحيده ، فقال تعالى : بل الله فاعبد يقول : فوحد : وكن له من الشاكرين في نعمه في النبوة والرسالة.

قوله تعالى : وما قدروا الله حق قدره نزلت في المشركين ، يقول : وما عظموا الله حق عظمته والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه مطويات يوم القيامة بيمينه فيها تقديم فيهما كلاهما في يمينه يعني في قبضته اليمنى ، قال ابن عباس : يقبض على الأرض والسماوات جميعا فما يرى طرفهما من قبضته ويده الأخرى يمين سبحانه نزه نفسه عن شركهم وتعالى وارتفع عما يشركون . ونفخ في الصور وهو القرن وذلك أن إسرافيل وهو واضع فاه على القرن يشبه البوق ودائرة رأس القرن كعرض السماء والأرض وهو شاخص ببصره نحو العرش ، يؤمر فينفخ في القرن فإذا نفخ فيه : فصعق يعني فمات من في السماوات ومن في الأرض من شدة الصوت والفزع ، من فيها من الحيوان ، ثم استثنى إلا من شاء الله يعني جبريل ، وميكائيل ، ثم روح جبريل ، ثم روح إسرافيل ، ثم يأمر ملك الموت ، فيموت ثم يدعهم ، فيما بلغنا أمواتا أربعين سنة ، ثم يحيي الله عز وجل إسرافيل ، فيأمره أن ينفخ الثانية ، فذلك قوله : ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام على أرجلهم ينظرون إلى البعث الذي كذبوا به ، فذلك قوله تعالى : يوم يقوم الناس لرب العالمين مقدار ثلاث مائة عام وأشرقت الأرض بنور ربها يعني بنور ساقه ، فذلك قوله تعالى : يوم يكشف عن ساق ووضع الكتاب الذي عملوا في أيديهم ليقرءوه وجيء بالنبيين فشهدوا عليهم بالبلاغ والشهداء يعني الحفظة من الملائكة ، فشهدوا عليهم بأعمالهم التي عملوها وقضي بينهم بالحق يعني بالعدل وهم لا يظلمون في أعمالهم.

ووفيت كل نفس بر وفاجر ما عملت في الدنيا من خير أو شر وهو أعلم بما يفعلون يقول الرب تبارك وتعالى : أعلم بأعمالهم من النبيين والحفظة.

[ ص: 140 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية