ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور
ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله ، وذلك أن كفار مكة أخذوا ، عمارا ، وبلالا وخبابا ، وصهيبا ، فعذبوهم لإسلامهم حتى يشتموا النبي صلى الله عليه وسلم ، فأما ، وكان شخصا ضعيفا، فقال لأهل صهيب بن سنان مولى عبد الله بن جدعان القرشي مكة: لا تعذبوني، هل لكم إلى خير؟ قالوا: وما هو؟ قال: أنا شيخ كبير، لا [ ص: 109 ] يضركم إن كنت معكم أو مع غيركم، لئن كنت معكم لا أنفعكم، ولئن كنت مع غيركم لا أضركم، وإن لي عليكم لحقا لخدمتي وجواري إياكم، فقد علمت أنكم إنما تريدون مالي، وما تريدون نفسي، فخذوا مالي واتركوني وديني غير راحلة، فإن أردت أن ألحق بالمدينة فلا تمنعوني، فقال بعضهم لبعض: صدق، خذوا ماله فتعاونوا به على عدوكم، ففعلوا ذلك، فاشترى نفسه بماله كله غير راحلة، واشترط ألا يمنع عن صلاة، ولا هجرة.
فأقام بين أظهرهم ما شاء، المدينة مهاجرا، فلقيه أبو بكر ، رضي الله عنه، فقال: ربح البيع يا ، فقال: وبيعك لا يخسر، صهيب فقال ثم ركب راحلته نهارا حتى أتى أبو بكر ، رضي الله عنه: قد أنزل الله فيك: ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد ، يعني للفعل فعل الرومي صهيب بن سنان مولى عبد الله بن جدعان بن عمرو بن سعيد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي.
قال عبد الله بن ثابت: سمعت أبي يقول: سمعت هذا الكتاب من أوله إلى آخره من الهذيل أبي صالح ، عن مقاتل بن سليمان ببغداد درب السدرة سنة تسعين ومائة، قال: وسمعته من أوله إلى آخره قراءة عليه في المدينة في سنة أربع ومائتين، وهو ابن خمس وثمانين سنة، رحمنا الله وإياهم.
يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ، وذلك أن ، عبد الله بن سلام وسلام بن قيس ، وأسيد ، وأسد ابنا كعب ، ويامين بن يامين ، وهم مؤمنوا أهل التوراة، استأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم في قراءة التوراة في الصلاة، وفي أمر السبت، وأن يعملوا ببعض ما في التوراة، فقال الله عز وجل: خذوا سنة محمد صلى الله عليه وسلم وشرائعه، فإن محمد ينسخ كل كتاب كان قبله، فقال: قرآن ادخلوا في السلم كافة ، يعني في شرائع الإسلام كلها، ولا تتبعوا خطوات الشيطان ، يعني تزيين الشيطان، فإن السنة الأولى بعدما بعث محمد صلى الله عليه وسلم ضلالة من خطوات الشيطان، إنه لكم عدو مبين ، يعني بين.
فإن زللتم ، يعني ضللتم عن الهدى وفعلتم هذا من بعد ما جاءتكم البينات ، يعني شرائع محمد صلى الله عليه وسلم وأمره، ثم حذرهم عقوبته، فقال: فاعلموا أن الله عزيز [ ص: 110 ] في نقمته، حكيم حكم عليهم العذاب، هل ينظرون ، يعني ما ينظرون، إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام ، يعني كهيئة الضبابة أبيض، والملائكة في غير ظلل في سبعين حجابا من نور عرشه والملائكة يسبحون، فذلك قوله: ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا ، يعني وليس بسحاب، ثم قال سبحانه: وقضي الأمر ، يعني وقع العذاب، وإلى الله ترجع الأمور ، يقول: يصير أمر الخلائق إليه في الآخرة.