الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون  ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام  وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد  وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد  

واذكروا الله في أيام معدودات إذا رميتم الجمار، يعني أيام التشريق، والأيام المعلومات يعني يوم النحر ويومين من أيام التشريق بعد النحر، فكان عمر ، رضي الله عنه، يكبر في قبته بمنى، فيرفع صوته، فيسمع أهل مسجد منى فيكبرون كلهم حتى يرتج منى تكبيرا،  فمن تعجل في يومين ، يعني بعد يوم النحر بيومين، يقول: من تعجل فنفر قبل غروب الشمس، فلا إثم عليه ، يقول: فلا ذنب عليه، يقول: ذنوبه، مغفورة، فمن لم ينفر حتى تغرب الشمس فليقم إلى الغد يوم الثالث، فيرمي الجمار، ثم ينفر مع الناس، قال: ومن تأخر إلى يوم الثالث حتى ينفر الناس، فلا إثم عليه ، يقول: لا ذنب عليه، يقول: ذنوبه مغفورة، ثم قال: لمن اتقى قتل الصيد، واتقوا الله ، ولا تستحلوا قتل الصيد في الإحرام، واعلموا يخوفهم أنكم إليه تحشرون في الآخرة فيجزيكم بأعمالكم نظيرها في المائدة: وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما واتقوا الله الذي إليه تحشرون فيجزيكم بأعمالكم.

ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ، نزلت في الأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب بن أبي سلمة الثقفي ، وأمه اسمها ريطة بنت عبد الله بن أبي قيس القرشي، من بني عامر بن لؤي، وكان عديد بني زهرة، وكان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيخبره أنه يحبه ويحلف بالله على ذلك، ويخبره أنه يتابعه على دينه، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه ذلك [ ص: 108 ] ويدنيه في المجلس، وفي قلبه غير ذلك، فأنزل الله عز وجل: ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما يقول: يعني يمينه التي حلف بالله، و ما في قلبه أن الذي يقول حق وهو ألد الخصام ، يقول: جدلا بالباطل، كقوله سبحانه: وتنذر به قوما لدا ، يعني جدلاء خصماء.

ثم أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم ، فقال: وإذا تولى ، يعني إذا توارى وكان رجلا مانعا جريئا على القتل، سعى في الأرض بالمعاصي; ليفسد فيها ، يعني في الأرض، ويهلك الحرث والنسل ، يعني كل دابة، وذلك أنه عمد إلى كديس بالطائف إلى رجل مسلم، فأحرقه وعقر دابته، والله لا يحب الفساد ، وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم ، يعني الحمية، نظيرها في ص قوله سبحانه: بل الذين كفروا في عزة وشقاق يعني حمية بالإثم، فحسبه جهنم شدة عذاب، ولبئس المهاد ، وكان الأخنس يسمى أبي بن شريق ، من بني زهرة بن كعب بن لؤي بن غالب، وإنما سمي الأخنس ; لأنه يوم بدر رد ثلاثمائة رجل من بني زهرة عن قتال النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال لهم: إن محمدا ابن أختكم، وأنتم أحق من كف عنه، فإن كان نبيا لم نقتله، وإن كان كاذبا كنتم أحق من كف عنه، فخنس بهم، فمن ثم سمي الأخنس.

التالي السابق


الخدمات العلمية