يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط
يا أيها الذين آمنوا ، يعني المنافقين عبد الله بن أبي ، ومالك بن دخشم الأنصاري وأصحابه، دعاهم اليهود إلى دينهم، منهم: إصبغ ، ورافع ابني حرملة ، وهما رءوس اليهود، فزينوا لهما ترك الإسلام، حتى أرادوا أن يظهروا الكفر، فأنزل الله عز وجل يحذرهما ولاية اليهود، يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة ، يعني اليهود، من دونكم ، يعني من دون المؤمنين، لا يألونكم خبالا ، يعني غيا، ودوا ما عنتم ، يعني ما أثمتم لدينكم في دينكم، قد بدت البغضاء ، يعني ظهرت البغضاء، من أفواههم ، يعني قد ظهرت العداوة بألسنتهم، وما تخفي صدورهم ، يعني ما تسر قلوبهم من الغش، أكبر مما بدت بألسنتهم، قد بينا لكم الآيات ، يقول: ففي هذا بيان لكم منهم، إن كنتم تعقلون .
ثم قال سبحانه: ها أنتم معشر المؤمنين أولاء تحبونهم تحبون هؤلاء اليهود في التقديم لما أظهروا من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به، ولا يحبونكم ; لأنهم ليسوا على دينكم، وتؤمنون بالكتاب كله ، كتاب محمد صلى الله عليه وسلم والكتب كلها التي [ ص: 189 ] كانت قبله، وإذا لقوكم قالوا آمنا ، يعني صدقنا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به، وهم كذبة، يعني اليهود، مثلها في المائدة: وإذا جاءوكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر إلى آخر الآية، ثم قال: وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل ، يعني أطراف الأصابع، من الغيظ الذي في قلوبهم، ودوا لو وجدوا ريحا يركبونكم بالعداوة، قل موتوا بغيظكم ، يعني اليهود، إن الله عليم بذات الصدور ، يعني يعلم ما في قلوبهم من العداوة والغش للمؤمنين.
ثم أخبر عن اليهود، فقال سبحانه: إن تمسسكم حسنة ، يعني الفتح والغنيمة يوم بدر، تسؤهم وإن تصبكم سيئة ، القتل والهزيمة يوم أحد، يفرحوا بها ، ثم قال للمؤمنين: وإن تصبروا على أمر الله، وتتقوا معاصيه لا يضركم كيدهم شيئا ، يعني قولهم، إن الله بما يعملون محيط ، أحاط علمه بأعمالهم.