الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين  ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين  أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين  قال رب انصرني على القوم المفسدين  ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكو أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين  قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين  

ووهبنا له ، يعني لإبراهيم، وإسحاق ويعقوب ابن إسحاق بالأرض المقدسة، وجعلنا في ذريته ، يعني ذرية إبراهيم، النبوة ، يعني إسماعيل، وإسحاق، [ ص: 517 ] ويعقوب، عليهم السلام، والكتاب ، يعني صحف إبراهيم، وآتيناه أجره ، يعني أعطيناه جزاءه، في الدنيا ، يعني الثناء الحسن، والمقالة الحسنة من أهل الأديان كلها؛ لمضيه على رضوان الله حين ألقي في النار، وكسر الأصنام، ومضيه على ذبح ابنه، فجميع أهل الأديان يقولون: إبراهيم منا لا يتبرأ منه أحد، وإنه ، يعني إبراهيم في الآخرة لمن الصالحين ، نظيرها في النحل.

ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ، يعني المعصية، يعني إتيان الرجال في أدبارهم  ليلا، ما سبقكم بها من أحد من العالمين ، فيما مضى قبلكم، وكانوا لا يأتون إلا الغرباء.

ثم قال عز وجل: أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل ، يعني المسافر، وذلك أنهم إذا جلسوا في ناديهم، يعني في مجالسهم رموا ابن السبيل بالحجارة والخذف، فيقطعون سبيل المسافر، فذلك قوله عز وجل: وتأتون في ناديكم المنكر يعني في مجالسكم المنكر، يعني الخذف بالحجارة، فما كان جواب قومه ، أي: قوم لوط ، عليه السلام، حين نهاهم عن الفاحشة والمنكر، إلا أن قالوا للوط، عليه السلام: ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين ، يعني بأن العذاب نازل بهم في الدنيا.

فدعا لوط ربه عز وجل، فـ قال رب انصرني على القوم المفسدين ، يعني العاصين، يعني بالفساد إتيان الرجال في أدبارهم، يقول: رب انصرني بتحقيق قولي في العذاب عليهم بما كذبون، يعني بتكذيبهم إياي حين قالوا: إن العذاب ليس بنازل بهم في الدنيا، فأهلكهم الله عز وجل بالخسف والحصب، وكان لوط ، عليه السلام، قد أنذرهم العذاب، فذلك قوله: ولقد أنذرهم بطشتنا ، يعني عذابنا.

ولما جاءت رسلنا ، يعني الملائكة، إبراهيم بالبشرى بالولد، قالوا لإبراهيم : إنا مهلكو أهل هذه القرية ، يعنون قرية لوط ، إن أهلها كانوا ظالمين . قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله ، يعني لوطا، ثم استثنى، فقال: إلا امرأته كانت من الغابرين ، يعني الباقين في العذاب.

[ ص: 518 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية