الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الم  غلبت الروم  في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون  في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون  بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم  وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون  يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون  

الم غلبت الروم وذلك أن أهل فارس غلبوا على الروم في أدنى الأرض

يعني أرض الأردن وفلسطين ، ثم قال عز وجل : وهم يعني الروم من بعد غلبهم سيغلبون أهل فارس.

في بضع سنين يعني خمس سنين ، أو سبع سنين إلى تسع ، لله الأمر من قبل حين ظهرت فارس على الروم ، ومن بعد ما ظهرت الروم على فارس ، ويومئذ يفرح المؤمنون وذلك أن فارس غلبت الروم ، ففرح بذلك كفار مكة ، فقالوا : إن فارس ليس لهم كتاب ، ونحن منهم ، وقد غلبوا أهل الروم ، وهم أهل كتاب قبلكم ، فنحن أيضا نغلبكم كما غلبت فارس الروم ، فخاطرهم أبو بكر الصديق ، رضي الله عنه ، على أن يظهر الله عز وجل الروم على فارس ، فلما كان يوم بدر غلب المسلمون كفار مكة ، وأتى المسلمين الخبر بعد ذلك ، والنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون بالحديبية [ ص: 6 ] أن الروم قد غلبوا أهل فارس ، ففرح المسلمون بذلك ، فذلك قوله تبارك وتعالى : ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء فنصر الله عز وجل الروم على فارس ، ونصر المؤمنين على المشركين يوم بدر.

قال أبو محمد : سألت أبا العباس ثعلبا عن البضع والنيف ، فقال البضع : من ثلاث إلى تسع ، والنيف : من واحد إلى خمسة ، وربما أدخلت كل واحدة على صاحبتها فتجوز مجازها ، فأخذ أبو بكر الصديق ، رضي الله عنه ، الخطر من صفوان بن أمية ، والنبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية مقيم حين صده المشركون عن دخول مكة ، وهو العزيز يعني المنيع في ملكه الرحيم بالمؤمنين حين نصرهم.

وعد الله لا يخلف الله وعده وذلك أن الله عز وجل وعد المؤمنين في أول السورة أن يظهر الروم على فارس حين قال تعالى : وهم من بعد غلبهم سيغلبون على أهل فارس ، وذلك قوله عز وجل : وعد الله لا يخلف الله وعده بأن الروم تظهر على فارس ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون يعني كفار مكة.

يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا يعني حرفتهم وحيلتهم ، ومتى يدرك زرعهم ، وما يصلحهم في معايشهم لصلاح دنياهم ، وهم عن الآخرة هم غافلون حين لا يؤمنون بها ، ثم وعظهم ليعتبروا ، فقال تعالى :

التالي السابق


الخدمات العلمية