الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      إذ قال موسى لأهله إني آنست نارا سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون  فلما جاءها نودي أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين  يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم  وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون  إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم  وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء في تسع آيات إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوما فاسقين  فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين  

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 294 ] إذ قال موسى لأهله .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : قيل : المعنى : اذكر إذ قال موسى لأهله . إني آنست نارا أي : أبصرت سآتيكم منها بخبر الطريق وكان على غير طريق أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون لكي تصطلوا .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : كل ذي نور فهو شهاب في اللغة ، والقبس : النار تقتبس ، تقول : قبست النار قبسا ، واسم ما قبست : قبس .

                                                                                                                                                                                                                                      فلما جاءها نودي أن بورك بأن بورك من في النار يعني : نفسه ، ولم تكن نارا ، وإنما كان ضوء نور رب العالمين ، وكان موسى يرى أنها نار ومن حولها يعني : الملائكة ، وهي في مصحف أبي بن كعب : " نودي أن بوركت النار ومن حولها " .

                                                                                                                                                                                                                                      فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا من الفرق ولم يعقب يعني : ولم يرجع .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : قال هاهنا كأنها جان والجان : الصغير من الحيات . وقال في موضع آخر : فإذا هي ثعبان مبين والثعبان : الكبير من الحيات . قيل : فالمعنى -والله أعلم- أن خلقها خلق الثعبان العظيم ، [ ص: 295 ] واهتزازها وحركتها كاهتزاز الجان ؛ وهذا من عظيم القدرة . يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون أي : عندي إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء تفسير الحسن : لا يخاف لدي المرسلون في الآخرة وفي الدنيا إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم أي : فإنه لا يخاف عندي . وكان موسى ممن ظلم ، ثم بدل حسنا بعد سوء ، فغفر الله له ، وهو قتل ذلك القبطي لم يتعمد قتله ، ولكن تعمد وكزه .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : قوله : إلا من ظلم قيل : هو استثناء ليس من الأول ، المعنى -والله أعلم- : لكن من ظلم من المرسلين وغيرهم ، ثم تاب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأدخل يدك أي : في جيبك ؛ أي : في جيب قميصك تخرج بيضاء من غير سوء قال الحسن : أخرجها -والله- كأنها مصباح في تسع آيات يعني : يده ، وعصاه ، والطوفان ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم ، والسنين ، ونقص الأموال والأنفس والثمرات .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : وقوله : في تسع أي : من تسع (في) بمعنى (من) .

                                                                                                                                                                                                                                      فلما جاءتهم آياتنا مبصرة أي : بينة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية