الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين  وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين  قال إنما أوتيته على علم عندي أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون  فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم  

                                                                                                                                                                                                                                      إن قارون كان من قوم موسى كان ابن عمه ، أخي أبيه فبغى عليهم كان عاملا لفرعون ، فتعدى عليهم وظلمهم وآتيناه من الكنوز أي : من الأموال يعني : قارون ما إن مفاتحه يعني : مفاتح خزائنه ، في تفسير بعضهم لتنوء بالعصبة أي : لتثقل العصبة أولي القوة يعني : الشدة ، وهم ها هنا أربعون رجلا .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : يقال : نأت بالعصبة أي : مالت بها ، وأنأت العصبة [ ص: 335 ] أي : أمالتها .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : لا تفرح لا تبطر إن الله لا يحب الفرحين يعني : البطرين ، وهم المشركون الذين لا (يشكرون) الله فيما أعطاهم .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : من الفرح ما يكون معناه : الأشر والبطر . قال الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                      ولست بمفراح إذا الدهر سرني ولا جازع من صرفه المتحول



                                                                                                                                                                                                                                      يقول : لست بأشر ولا بطر ؛ ليس هو من الفرح الذي معناه السرور .

                                                                                                                                                                                                                                      وابتغ فيما آتاك الله من هذه النعم الدار الآخرة يعني : الجنة ولا تنس نصيبك من الدنيا يقول : اعمل في دنياك لآخرتك .  وأحسن فيما افترض الله عليك قال قارون إنما أوتيته يعني : ما أعطي من الدنيا على علم عندي أي : بقوتي وعلمي .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : قيل : إنه كان [أقرأ بني إسرائيل للتوراة] ولذلك ادعى أن المال أعطيه لعلمه . قال الله : بل هي فتنة : بلية . أولم يعلم يعني : قارون أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا من الجنود والرجال أي : بلى قد علم ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون المشركون لتعلم ذنوبهم من عندهم فخرج على قومه يعني : قارون في زينته تفسير الكلبي : أنه خرج وعليه ثياب حمر على بغلة بيضاء ، ومعه أربعمائة جارية عليهن ثياب حمر على بغال بيض [ ص: 336 ] قال الذين يريدون الحياة الدنيا وهم المشركون يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية