الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      تفسير سورة العنكبوت  

                                                                                                                                                                                                                                      وهي مكية كلها إلا عشر آيات مدنية من أولها إلى قوله : وليعلمن المنافقين .

                                                                                                                                                                                                                                      (بسم الله الرحمن الرحيم)

                                                                                                                                                                                                                                      الم  أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون  ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين  أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون  من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم  ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين  والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون  ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون  

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : الم قد مضى (القول فيه) في أول سورة البقرة أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون يعني : يبتلون بالجهاد في سبيل الله ، هم قوم كانوا بمكة ممن أسلم كان قد وضع عنهم الجهاد والنبي عليه السلام بالمدينة بعد ما افترض الجهاد ، وقبل منهم أن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ولا [ ص: 340 ] يجاهدوا ، ثم أذن لهم في القتال حين أخرجهم أهل مكة ؛ فلما أمروا بالجهاد كرهوا القتال ولقد فتنا اختبرنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا بما أظهروا من الإيمان وليعلمن الكاذبين يعني : الذين يظهرون الإيمان وقلوبهم على الكفر وهم المنافقون ، وهذا علم الفعال .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : معنى علم الفعال : العلم الذي تقوم به الحجة وعليه يكون الجزاء ، وقد علم الله الصادق والكاذب قبل خلقهما .

                                                                                                                                                                                                                                      أم حسب الذين يعملون السيئات يعني : الشرك أن يسبقونا حتى لا نقدر عليهم فنعذبهم أي : قد حسبوا ذلك وليس كما ظنوا ساء ما أي : بئس ما يحكمون أن يظنوا أن الله خلقهم ، ثم لا يبعثهم فيجزيهم بأعمالهم ، ثم قال : من كان يرجو لقاء الله يقول : من كان يخشى البعث ، وهذا المؤمن فإن أجل الله لآت يعني : البعث ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه يقول : يعطيه الله ثواب ذلك . إن الله لغني عن العالمين أي : عن عبادتهم .

                                                                                                                                                                                                                                      ووصينا الإنسان بوالديه يعني : جميع الناس بوالديه حسنا أي : برا وإن جاهداك لتشرك بي أي : أراداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم أي : أنك لا تعلم أن معي شريكا ، يعني : المؤمنين فلا تطعهما .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 341 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية