الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              معلومات الكتاب

              تهذيب الآثار للطبري

              الطبري - محمد بن جرير الطبري

              صفحة جزء
              فإن قالوا: إن شرطنا في الزنا أن لا يكون فيه عقد نكاح فاسد ولا صحيح.

              قيل لهم: فما أنتم قائلون في فاسق دعا فاسقة إلى الفجور بها، فامتنعت عليه إلا بأن يبذل لها درهما أو دينارا، على أن تمكنه من نفسها، وهما يعتقدان أن ذلك حرام عليهما، ففعل ذلك وبذل ذلك لها، فأمكنته من نفسها حتى أتاها، أتوجبون عليهما من العقوبة ما توجبونه على من فعل مثل فعلهما بغير بذل شيء لها، أم لا ترون عليهما حدا ولا عقوبة، ولا ترونهما زانيين؟

              فإن قالوا: لا حد عليهما ولا عقوبة، وللمفعول بها ذلك مهر مثلها تركوا قولهم في ذلك.

              وإن قالوا: بل نرى عليهما حد الزنا، وغير مزيل عنهما حد الزنا ما بذل لها على إمكانها إياه من نفسها.

              قيل لهم: فما الفرق بينكم وبين قائل مثل قولكم: [ ص: 576 ] في الذي يأتي ذات محرم منه،  على السبيل التي وصفنا عليه حد الزنا وغير مزيل عنه الحد الذي أوجبه الله تعالى على من أتى فرجا محرما من الغرائب، إتيانه ذلك من ذات محرم منه، العقد الذي عقده عليها على علم منهما بفساده، وأن ذلك غير محل لهما شيئا كان حراما عليهما قبل ذلك، وقال فيه قولكم في الراكب ذلك من غريبة ببذل ما بذل لها. وفي راكب ذلك من الغريبة ببذل ما يبذل لها على إمكانها إياه من نفسها، ما قلتم في فاعل ذلك بذات محرم منه من أصل أو قياس؟ فلن يقولوا في أحدهما قولا إلا ألزموا في الآخر مثله .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية