( الثاني ) قد قدمنا أن
nindex.php?page=treesubj&link=22311التقليد الصحيح محصل للعلم ، بمعنى أن المقلد تقليدا صحيحا لا يصدق بما ألقي إليه من العقائد إلا بعد انكشاف صدقها عنده من غير أن يكون له دليل عليها ، وقد جاء في محكم الذكر (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=125فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) ، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك في الزهد ،
وعبد الرزاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=14906والفريابي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
وابن [ ص: 273 ] المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وابن مردويه ،
والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن
أبي جعفر المدائني - رجل من
بني هاشم ، وليس هو
محمد بن علي - قال :
سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية ، قال : كيف يشرح صدره للإسلام يا رسول الله ؟ قال " نور يقذف فيه فينشرح له وينفسح " ، قالوا فهل لذلك من أمارات يعرف بها ؟ قال " الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل لقاء الموت "
قال
الحافظ السيوطي في هذا الحديث : مرسل له شواهد كثيرة متصلة ومرسلة يرتقي بها إلى درجة الصحة أو الحسن .
وكما كان قذف النور في القلب موجبا لانشراح الصدر وانفساح القلب ، كان قذفه مستلزما لجعل النفس قابلة للحق مهيأة لحلوله فيها مصفاة عما يمنعه وينافيه ، سواء كان ثم استدلال أو لا ، وكلما تصفت من كدوراتها ، واتصفت بالصفات المذكورة ، كان قبولها للعقائد الخفية أشد ، وإذعانها لها أحرى لكون ذلك النور المقذوف في القلب كاشفا لعين البصيرة عن صدق ما أخبر به من العقائد كشفا يحمله على الإذعان والانقياد والتصديق به وحسن الاعتقاد ، بحيث يصير ضروريا حتى لو رام الانفكاك عنه ، لم يجد له إليه سبيلا ، وإن لم يكن ثم نظر ولا استدلال .
( الثَّانِي ) قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=22311التَّقْلِيدَ الصَّحِيحَ مُحَصِّلٌ لِلْعِلْمِ ، بِمَعْنَى أَنَّ الْمُقَلِّدَ تَقْلِيدًا صَحِيحًا لَا يُصَدِّقُ بِمَا أُلْقِيَ إِلَيْهِ مِنَ الْعَقَائِدِ إِلَّا بَعْدَ انْكِشَافِ صِدْقِهَا عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ دَلِيلٌ عَلَيْهَا ، وَقَدْ جَاءَ فِي مُحْكَمِ الذِّكْرِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=125فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ) ، وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي الزُّهْدِ ،
وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14906وَالْفِرْيَابِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12508وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16298وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ ،
وَابْنُ [ ص: 273 ] الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ ،
وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ ، عَنْ
أَبِي جَعْفَرٍ الْمَدَائِنِيِّ - رَجُلٍ مِنْ
بَنِي هَاشِمٍ ، وَلَيْسَ هُوَ
مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ - قَالَ :
سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ ، قَالَ : كَيْفَ يُشْرَحُ صَدْرُهُ لِلْإِسْلَامِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ " نُورٌ يُقْذَفُ فِيهِ فَيَنْشَرِحُ لَهُ وَيَنْفَسِحُ " ، قَالُوا فَهَلْ لِذَلِكَ مِنْ أَمَارَاتٍ يُعْرَفُ بِهَا ؟ قَالَ " الْإِنَابَةُ إِلَى دَارِ الْخُلُودِ ، وَالتَّجَافِي عَنْ دَارِ الْغُرُورِ ، وَالِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ قَبْلَ لِقَاءِ الْمَوْتِ "
قَالَ
الْحَافِظُ السُّيُوطِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : مُرْسَلٌ لَهُ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ مُتَّصِلَةٌ وَمُرْسَلَةٌ يَرْتَقِي بِهَا إِلَى دَرَجَةِ الصِّحَّةِ أَوِ الْحُسْنِ .
وَكَمَا كَانَ قَذْفُ النُّورِ فِي الْقَلْبِ مُوجِبًا لِانْشِرَاحِ الصَّدْرِ وَانْفِسَاحِ الْقَلْبِ ، كَانَ قَذْفُهُ مُسْتَلْزِمًا لِجَعْلِ النَّفْسِ قَابِلَةً لِلْحَقِّ مُهَيَّأَةً لِحُلُولِهِ فِيهَا مُصَفَّاةً عَمَّا يَمْنَعُهُ وَيُنَافِيهِ ، سَوَاءٌ كَانَ ثَمَّ اسْتِدْلَالٌ أَوْ لَا ، وَكُلَّمَا تَصَفَّتْ مِنْ كُدُورَاتِهَا ، وَاتَّصَفَتْ بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ ، كَانَ قُبُولُهَا لِلْعَقَائِدِ الْخَفِيَّةِ أَشَدَّ ، وَإِذْعَانُهَا لَهَا أَحْرَى لِكَوْنِ ذَلِكَ النُّورِ الْمَقْذُوفِ فِي الْقَلْبِ كَاشِفًا لِعَيْنِ الْبَصِيرَةِ عَنْ صِدْقِ مَا أَخْبَرَ بِهِ مِنَ الْعَقَائِدِ كَشْفًا يَحْمِلُهُ عَلَى الْإِذْعَانِ وَالِانْقِيَادِ وَالتَّصْدِيقِ بِهِ وَحُسْنِ الِاعْتِقَادِ ، بِحَيْثُ يَصِيرُ ضَرُورِيًّا حَتَّى لَوْ رَامَ الِانْفِكَاكَ عَنْهُ ، لَمْ يَجِدْ لَهُ إِلَيْهِ سَبِيلًا ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ نَظَرٌ وَلَا اسْتِدْلَالٌ .