الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما الخصلة الثامنة وهي قوله إمام في السنة فلا يختلف العلماء الأوائل والأواخر أنه في السنة الإمام الفاخر والبحر الزاخر أوذي في الله عز وجل [ ص: 13 ] فصبر ولكتابه نصر ولسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتصر أفصح الله فيها لسانه وأوضح بيانه وأرجح ميزانه لا رهب ما حذر ولا جبن حين أنذر أبان حقا وقال صدقا وزان نطقا وسبقا ظهر على العلماء وقهر العظماء ففي الصادقين ما أوجهه وبالسابقين ما أشبهه وعن الدنيا وأسبابها ما كان أنزهه جزاه الله خيرا عن الإسلام والمسلمين فهو للسنة كما قال الله في كتابه المبين " وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين ".

قال علي بن المديني أيد الله هذا الدين برجلين لا ثالث لهما أبو بكر الصديق يوم الردة وأحمد بن حنبل في يوم المحنة.  

وقيل لبشر بن الحارث يوم ضرب أحمد قد وجب عليك أن تتكلم فقال تريدون مني مقام الأنبياء ليس هذا عندي حفظ الله أحمد بن حنبل من بين يديه ومن خلفه ثم قال بعد ما ضرب أحمد لقد أدخل الكير فخرج ذهبة حمراء.

وقال الربيع بن سليمان قال الشافعي من أبغض أحمد بن حنبل فهو كافر فقلت: تطلق عليه اسم الكفر فقال نعم من أبغض أحمد بن حنبل عاند السنة ومن عاند السنة قصد الصحابة ومن قصد الصحابة أبغض النبي ومن أبغض النبي - صلى الله عليه وسلم - كفر بالله العظيم.

وقال أحمد بن إسحاق بن راهويه سمعت أبي يقول لولا أحمد بن حنبل وبذل نفسه لما بذلها لذهب الإسلام.

وقال عبد الوهاب الوراق أبو عبد الله أحمد بن حنبل إمامنا وهو من الراسخين في العلم إذا وقفت غدا بين يدي الله تعالى فسألني بمن اقتديت أقول بأحمد وأي شيء ذهب على أبي عبد الله من أمر الإسلام وقد بلي عشرين سنة في هذا الأمر.

أنبأنا محمد بن الأبنوسي عن الدارقطني قال أخبرنا محمد بن مخلد قال [ ص: 14 ] سمعت العباس الدوري يقول سمعت يحيى بن معين يقول أراد الناس منا أن نكون مثل أحمد بن حنبل لا والله لا نقدر على أحمد ولا على طريق أحمد.

وحدثنا الوالد السعيد إملاء بجامع المنصور عن عبد الله بن عبد الرحمن أن عبد الله بن إسحاق المدائني حدثه قال حدثنا أبو الفضل الوراق قال حدثني أحمد بن هانئ عن صدقة المقابري قال كان في نفسي على أحمد بن حنبل قال فرأيت في النوم كأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يمشي في طريق وهو آخذ بيد أحمد بن حنبل وهما يمشيان على تؤدة ورفق وأنا خلفهما أجهد نفسي في أن ألحق بهما فما أقدر فلما استيقظت ذهب ما كان في نفسي ثم رأيت بعد كأني ألحق بهما فما أقدر فلما استيقظت ذهب مناد الصلاة جامعة فاجتمع الناس فنادى يؤمكم أحمد بن حنبل فإذا أحمد بن حنبل فصلى بالناس وكنت بعد إذا سئلت عن شيء قلت: عليكم بالإمام يعني أحمد بن حنبل.

فهذه الثمان التي ذكرها الشافعي ويقرن بها أيضا ثمان خصال انفرد بها.

التالي السابق


الخدمات العلمية