الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        قوله عز وجل: ليس لك من الأمر شيء   .

        905 - حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس بن المنذر ، قال: حدثنا الأنصاري محمد بن عبد الله ، قال: حدثني حميد الطويل ، عن أنس بن مالك: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضربت رباعيته يوم أحد وشج في وجهه، فجعل يمسح الدم عن وجهه، وهو يقول: " كيف يصلح أو يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم؟!  وهو يدعو إلى الله عز وجل " فأنزل الله جل ثناؤه: ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ".

        906 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: حدثنا أحمد ، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن محمد بن إسحاق ، عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، قال: "كسرت رباعية النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد، وشج، فجعل الدم يسيل على وجهه، فجعل يمسح الدم، ويقول: "كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم، [ ص: 374 ] وهو يدعو إلى ربهم؟! "فأنزل الله جل وعز في ذلك: ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ".

        907 - قال محمد بن إسحاق: وحدثني عبد الواحد بن أبي عون ، عن إسماعيل بن محمد ، عن سعد بن أبي وقاص ، قال: "مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة من بني دينار، وقد أصيب زوجها، وأخوها، وأبوها، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأحد، فلما نعوا لها قالت: فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: خيرا يا أم فلان، هو بحمد الله كما تحبين، قالت: أرونيه حتى أنظر إليه، قال: فأشير لها إليه حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل". فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله ناول سيفه ابنته فاطمة، فقال: "اغسلي هذا من دمه يا بنية"، وناولها علي سيفه، وقال: وهذا، فاغسلي عنه، فوالله لقد صدقني اليوم!

        فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لئن كنت صدقت القتال، لقد صدق معك سهل بن حنيف ، وأبو دجانة سماك بن خرشة ".
         


        قال ابن إسحاق: وكان أبو دجانة حين أخذ السيف من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد قاتل به قتالا شديدا، وقال أبو دجانة: [ ص: 375 ]

        إني امرؤ عاهدني خليلي ونحن بالسفح لدى النخيل     أن لا أقوم الدهر في الكيول
        أضرب بسيف الله والرسول



        قال ابن إسحاق: قال الله جل ثناؤه لمحمد صلى الله عليه وسلم: ليس لك من الأمر شيء ; أي: "ليس لك من الحكم شيء في عبادتي، إلا ما أمرتك به فيهم، أو يتوب عليهم برحمتي، فإن شئت فعلت، أو أعذبهم بذنوبهم، فبحقي فإنهم ظالمون ".

        908 - حدثنا النجار ، قال: أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، "أن رباعية النبي صلى الله عليه وسلم أصيبت يوم أحد، أصابها عتبة بن أبي وقاص ، وشجه في وجهه، فكان سالم مولى أبي حذيفة يغسل عن النبي صلى الله عليه وسلم الدم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "كيف يفلح قوم صنعوا هذا بنبيهم؟!" فأنزل الله جل ثناؤه: ليس لك من الأمر شيء إلى قوله: ظالمون ".  

        909 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: أخبرني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، قال: أخبرني سعيد بن المسيب ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، أنهما سمعا أبا هريرة ، يقول: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين يفرغ من صلاة الفجر، من القراءة ويكبر، ويرفع رأسه، يقول:   "سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد"، ثم يقول [ ص: 376 ] وهو قائم: "اللهم أنج الوليد بن الوليد ، وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة ، والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأك على مضر، واجعلها عليهم كسني يوسف، اللهم العن لحيان، ورعلا، وذكوان، وعصية عصت الله ورسوله "، ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما نزلت هذه الآية: ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ".

        قوله جل وعز: أو يتوب عليهم أو يعذبهم الآية .

        910 - حدثنا زكريا ، قال: حدثنا عمرو ، قال: أخبرنا زياد ، عن محمد بن إسحاق ، قال: قال الله لمحمد صلى الله عليه وسلم: ليس لك من الأمر شيء الآية; أي: "ليس لك من الحكم شيء في عبادي، إلا ما أمرتك به فيهم أو يتوب عليهم برحمتي، فإن شئت فعلت أو يعذبهم بذنوبهم، فبحقي فإنهم ظالمون ; أي: قد استحلوا ذلك بمعصيتهم إياي" [ ص: 377 ] .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية