وأما احتجاجه بقوله تعالى: فإذ لم تفعلوا فمن أين له أيضا أن الآية الأولى لم يعمل بها.
764 - وقد حدثنا جعفر بن مجاشع ، قال: حدثنا ، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق أبو نعيم ، عن ، عن موسى بن قيس ، سلمة بن كهيل يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة قال: "أول من عمل بها رضي الله عنه ثم نسخت" . علي بن [ ص: 601 ] أبي طالب
وأما قوله تعالى: كما كتب على الذين من قبلكم ثم قال تعالى: علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم وإنما فعل هذا واحد واحتجاجه بقول لا معنى له لأن قول الشافعي إذا فرض الله تعالى شيئا استعمل عباده بما أحب منه لا دليل فيه على أن الشيء ينسخ قبل أن يستعمل بل لو قال قائل بل فيه دليل على أن الشيء لا ينسخ حتى يستعمل أو يستعمل بعضه لكان أولى بالصواب والدليل على أن الشيء لا ينسخ قبل أن يستعمل [ ص: 602 ] أن احتجاج العلماء في النسخ أن معناه إذا قلت افعل كذا وكذا في معناه إلى وقت كذا أو تشترط كذا فإذا نسخ فإنما أظهر ذلك الذي كان مضمرا فإذا قيل صلوا إلى بيت المقدس فمعناه إلى أن أزيل ذلك أو إلى وقت كذا أو على أني أزيل ذلك وقت كذا وقد علم الله حقيقة ذلك ولا يجوز أن يقال: صل الظهر بعد الزوال على أني أزيلها عنك مع الزوال . الشافعي
قال فهذا بين وأقوال العلماء أن البيان يجوز أن يتأخر فخالفهم قائل هذا وجعله نسخا ولو جاز أن يقال لهذا نسخ لجاز أن يقال في قول الله تعالى: أبو جعفر: إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ثم بين ما هي ولا يقول أحد من الأمة: إن هذا نسخ .
[ ص: 603 ] واحتجاجه بقول يخالف فيه لأن أصحاب الشافعي الحذاق لا نعلم بينهم خلافا أن البيان يتأخر فممن احتج منهم لتأخره الشافعي بقول الله تعالى: ابن سريج فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه وثم في اللغة تدل على أن الثاني بعد الأول [ ص: 604 ] والدليل على أن البيان خلاف النسخ أن البيان يكون في الأخبار وأيضا فإن البيان يكون معه دليل يدل على الخصوص إذا كان اللفظ عاما أو كان خاصا يراد به العام كما قال عز وجل والنسخ لا يكون في الأخبار إن الإنسان لفي خسر فلما قال: إلا الذين آمنوا دل على أن الإنسان بمعنى الناس وقال جل وعز: والملك فلما قال: على أرجائها علم أن الملك بمعنى الملائكة فهكذا الخصوص والعموم وهكذا التخصيص في الاستثناء لا يسمى نسخا وهذا الباب من اللغة يحتاج إليه كل من نظر في العلم وبالله التوفيق.
[ ص: 605 ]