باب ذكر الآية التاسعة عشرة. 
قال جل وعز قل العفو  فيه ثلاثة أقوال من العلماء من قال: إنها منسوخة بالزكاة المفروضة، ومنهم من قال: هي الزكاة، ومنهم من قال: هو شيء أمر به غير الزكاة لم ينسخ.  
 181  - أخبرنا  أبو جعفر  قال: حدثنا  بكر بن سهل  ، قال: حدثنا أبو صالح  ، قال: حدثني  معاوية بن صالح  ، عن  علي بن أبي طلحة  ، عن  ابن عباس  في قوله: ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو  قال: "هو ما لا يتبين وهذا قبل أن تفرض الصدقة". 
 182  - قال  أبو جعفر:  وقال  الضحاك:   "نسخت الزكاة كل صدقة في القرآن". 
 [ ص: 632 ] فهذا قول من قال: إنها منسوخة. 
 183  - وحدثنا  أبو جعفر  قال: حدثنا علي بن الحسين  ، عن الحسن بن محمد  ، قال: حدثنا  شبابة  ، قال: حدثنا  ورقاء  ، عن ابن أبي نجيح  ، عن  مجاهد  ، في قوله جل وعز ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو   قال: "الصدقة المفروضة". 
قال  أبو جعفر:  والزكاة هي لعمري شيء يسير من كثير إلا أن هذا القول لا يعرف إلا عن  مجاهد  والقول الذي قبله: إنها منسوخة بعيد؛ لأنهم إنما سألوا  [ ص: 633 ] عن شيء فأجيبوا عنه بأنهم سبيلهم أن ينفقوا ما سهل عليهم. 
والقول الثالث: عليه أكثر أهل التفسير: 
 184  - كما حدثنا علي بن الحسين  ، عن الحسن بن محمد  ، قال: حدثنا  أبو معاوية  ، قال: حدثنا  ابن أبي ليلى  ، عن الحكم  ، عن مقسم  ، عن  ابن عباس  ، في قوله جل وعز ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو  قال: "ما فضل عن العيال". 
قال  أبو جعفر:  فهذا القول بين وهو مشتق من عفا يعفو إذا كثر وفضل والمعنى والله أعلم: ويسألونك ماذا ينفقون  ، قل ينفقون ما  [ ص: 634 ] سهل عليهم وفضل عن حاجتهم وأكثر التابعين على هذا التفسير. 
 185  - قال  طاوس:   "العفو اليسير من كل شيء". 
 186  - وقال الحسن:  قل العفو   "أي لا تجهد مالك حتى تبقى تسأل الناس". 
 187  - وقال  خالد بن أبي عمران:  سألت القاسم  ، وسالما  عن قول الله جل وعز ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو  فقالا: "هو فضل المال ما كان عن ظهر غني". قال  أبو جعفر:  وهذا من حسن العبارة في معنى الآية، وهو موافق لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: 
 188  - كما حدثنا أبو الحسين محمد بن الحسن بن سماعة  بالكوفة،  قال: حدثنا أبو نعيم  ، قال: حدثنا عمرو يعني ابن عثمان بن عبد الله بن موهب  ، قال: سمعت  موسى بن طلحة  ، يذكر عن  حكيم بن حزام  ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  "خير الصدقة عن ظهر غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول".  
 [ ص: 635 ] قال  أبو جعفر:  فصار المعنى ويسألونك ماذا ينفقون قل: ما سهل عليكم ونظيره خذ العفو وأمر بالعرف  أي خذ ما سهل من أخلاق الناس ولا تتقص عليهم فهذا العفو من أخلاق الناس وذاك العفو مما ينفقون. 
 189  - كما قال عبد الله بن الزبير  وقد تلا خذ العفو  قال: "من أخلاق الناس وايم الله لأستعملن ذاك فيهم". 
 190  - وقال أخوه عروة  وتلا خذ العفو  قال: خذ ما ظهر من أعمالهم، وقولهم. 
 [ ص: 636 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					