الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  الوجه الثالث : أن يقال : فهب أنه طلبها وبايعه أكثر الناس ، فقولكم : إن ذلك طلب للدنيا كذب ظاهر ، فإن أبا بكر - رضي الله عنه - [1] . لم يعطهم دنيا ، وكان قد أنفق ماله في حياة النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ولما رغب النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصدقة جاء بماله كله ، فقال له : ما تركت لأهلك ؟ قال : تركت لهم الله ورسوله [2] .

                  [ ص: 53 ] والذين بايعوه هم أزهد [3] . الناس في الدنيا ، وهو الذين أثنى الله عليهم ; وقد علم الخاص والعام زهد عمر وأبي عبيدة وأمثالهما ، وإنفاق الأنصار أموالهم : كأسيد [4] . بن حضير وأبي طلحة [ وأبي أيوب ] وأمثالهم [5] ، ولم يكن عند موت النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم بيت مال يعطيهم ما فيه ، ولا كان هناك ديوان للعطاء يفرض لهم فيه ، فالأنصار [6] . كانوا في أملاكهم وكذلك المهاجرون [7] . : من كان له شيء من مغنم أو غيره فقد كان له .

                  وكانت سيرة أبي بكر في قسم الأموال [8] . التسوية ، وكذلك سيرة علي [ رضي الله عنه ] [9] ، فلو بايعو عليا أعطاهم ما أعطاهم أبو بكر ، مع كون قبيلته أشرف القبائل ، وكون بني عبد مناف - وهم [10] . أشرف قريش الذين هم أقرب العرب - من بني أمية [ وغيرهم ] [11] . إذ ذاك ، كأبي سفيان بن حرب [ وغيره ] [12] ، وبني هاشم - كالعباس وغيره - كانوا معه .

                  [ ص: 54 ] وقد [13] . أراد أبو سفيان [14] . أن تكون الإمارة [15] . في بني عبد مناف - على عادة الجاهلية - فلم يجبه إلى ذلك علي ولا عثمان ولا غيرهما لعلمهم ودينهم [16] .

                  فأي رياسة وأي مال كان لجمهور المسلمين بمبايعة أبي بكر ؟ لا سيما وهو يسوي بين السابقين الأولين وبين آحاد المسلمين في العطاء ، ويقول : إنما أسلموا لله ، وأجورهم [17] . على الله ، وإنما هذا المتاع بلاغ . وقال لعمر لما أشار عليه بالتفضيل في العطاء : أفأشتري منهم إيمانهم ؟ فالسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين بايعوه [18] . أولا ، كعمر وأبي عبيدة وأسيد بن حضير وغيرهم ، سوى بينهم وبين الطلقاء الذين أسلموا عام الفتح ، بل وبين من أسلم [19] . بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فهل حصل لهؤلاء من الدنيا بولايته شيء ؟

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية