الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  فالطائفة الأولى الكلابية ومن وافقهم ، والطائفة الثانية الكرامية ومن وافقهم .

                  فالأولى قالوا : إنه تقوم به [1] الصفات ، ويرى في الآخرة ، والقرآن [ ص: 108 ] كلام الله قائم بذاته ، وليست الصفات أعراضا ولا الموصوف جسما [ 000 ] [2] لم نسلم أن ذلك ممتنع .

                  [ ص: 109 ] ثم كثير من الناس يشنع على الطائفة الأولى بأنها مخالفة لصريح العقل والنقل بالضرورة ; حيث أثبتت رؤية لمرئي لا بمواجهة ، وأثبتت كلاما لمتكلم يتكلم لا بمشيئته وقدرته .

                  وكثير منهم يشنع على الثانية بأنها مخالفة للنظر العقلي الصحيح .

                  ولكن مع هذا فأكثر الناس يقولون : إن النفاة المخالفين للطائفتين من الجهمية والمعتزلة ، وأتباعهم من الشيعة ، أعظم مخالفة لصريح المعقول - بل ولضرورة العقل - من الطائفتين .

                  وأما مخالفة هؤلاء لنصوص الكتاب والسنة ، وما استفاض عن سلف الأمة ، فهذا أظهر وأشهر من أن يخفى على عالم ، ولهذا أسسوا دينهم على أن باب التوحيد والصفات لا يتبع فيه ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع ، وإنما يتبع فيه ما رأوه بقياس عقولهم ، وأما نصوص الكتاب والسنة ، فإما أن يتأولوها ، وإما أن يفوضوها ، وإما أن يقولوا : مقصود الرسول أن يخيل إلى الجمهور اعتقادا ينتفعون به في الدنيا ، وإن كان كذبا وباطلا ، كما يقول ذلك من يقوله من المتفلسفة وأتباعهم ، وحقيقة قولهم أن الرسل كذبت فيما أخبرت به عن الله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ; لأجل ما رأوه من مصلحة الجمهور في الدنيا .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية