وإن قال : سموا مشبهة لأنهم يقولون : إنه جسم ، والأجسام متماثلة ، بخلاف من أثبت الصفات  ، ولم يقل : هو جسم . 
قيل أولا هذا باطل [1] لأنك ذكرت الكرامية  قسما غيرهم والكرامية  تقول إنه جسم وقيل لك ثانيا : لا يطلق لفظ الجسم [2] إلا أئمتك الإمامية ومن وافقهم . 
وقيل لك ثالثا : فهذا مبني على تماثل الأجسام ، وأكثر العقلاء يقولون [3]  : إنها ليست متماثلة ، والقائلون بتماثلها من المعتزلة  ومن وافقهم من الأشعرية  ، وطائفة من الفقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية ليست لهم حجة على تماثلها أصلا ، كما [ قد ] بسط ذلك في موضعه [4]  . 
 [ ص: 600 ] وقد اعترف بذلك فضلاؤهم ، حتى الآمدي  في [ كتاب ] " أبكار الأفكار " [5] اعترف بأنه [6] لا دليل لهم على تماثل الأجسام إلا تماثل الجواهر ، ولا دليل لهم على تماثل الجواهر ، والأشعري في " الإبانة " جعل هذا القول من أقوال المعتزلة التي أبطلها [7]  . 
وسواء كان تماثلها حقا أو باطلا فمن قال : إنه جسم  كهشام [ بن الحكم   ] [8] وابن كرام  لا [9] يقول بتماثل الأجسام ، فإنهم يقولون : إن حقيقة الله تعالى ليست مثل شيء [10] من الحقائق ، فهم أيضا ينكرون التشبيه ، فإذا وصفوا [ به ] [11] لاعتقاد الواصف أنه لازم لهم ، أمكن كل طائفة أن يصفوا الأخرى بالتشبيه لاعتقادها أنه لازم لها ، فالمعتزلة والشيعة توافقهم [ على ] أن أخص وصف الرب [12] هو القدم ، وأن ما شاركه في القدم فهو مثله ، فإذا أثبتنا [13] صفة قديمة لزم التشبيه ، وكل من أثبت صفة قديمة فهو مشبه ، وهم يسمون جميع من أثبت الصفات مشبها بناء على هذا . 
 [ ص: 601 ] فإن قال هذا [14] الإمامي : فأنا ألتزم هذا . 
قيل له : تناقضت ، لأنك أخرجت الأشعرية  والكرامية  عن المشبهة  في اصطلاحك ، فأنت تتكلم بألفاظ لا تفهم معناها [15] ولا موارد استعمالها ، وإنما تقوم بنفسك صورة تبني [ عليها ] [16]  . 
وكأنك - والله أعلم - عنيت بالحشوية المشبهة [17] من ببغداد  والعراق  من الحنبلية ونحوهم ، أو الحنبلية دون غيرهم . وهذا من جهلك ، فإنه ليس للحنبلية قول انفردوا به عن غيرهم من [ طوائف ] [18] أهل السنة والجماعة ، بل كل ما يقولونه قد قاله غيرهم من طوائف أهل السنة ، بل يوجد في غيرهم من زيادة الإثبات ما لا يوجد فيهم . 
ومذهب [19] أهل السنة والجماعة مذهب قديم [ معروف ] [20] قبل أن يخلق الله  أبا حنيفة   ومالكا   والشافعي   وأحمد  ، فإنه مذهب الصحابة الذين تلقوه عن نبيهم ، ومن خالف ذلك كان مبتدعا عند أهل السنة والجماعة ، فإنهم متفقون على أن إجماع الصحابة  حجة ، ومتنازعون في إجماع من بعدهم . 
				
						
						
