[ الوجه الثامن : أن يقال : كل من دعاه غيره إلى فعل وأمره به ، فلا يخلو أن يكون مقرا بأن وإرادتهم الله خالق أفعال العباد [1] وأنهم لا يفعلون إلا ما شاءه ، ( أو لا يكون مقرا بذلك ، بل يقول : إنهم يفعلون ما لا يشاؤه ) [2] ، وهم يحدثون إرادات أنفسهم بلا إرادته . [3]
[ ص: 73 ] فإن كان من القسم الأول فهو يقر بأن كل ظالم له أو لغيره [4] قد خلقت إرادته للظلم فظلمه [5] ، وهو لا يعذر الظالم في ذلك . فيقال له : أنت مقر بأن مثل هذا ليس بحجة [6] لمن خالف ما أمر به كائنا ما كان ، فلا يسوغ لك الاحتجاج به وإن كان [7] منكرا للقدر امتنع أن يحتج بهذا ، فثبت أن الاحتجاج بالقدر لإفحام الرسل لا يسوغ [8] لا [9] على قول هؤلاء ولا على قول هؤلاء .
فإن قال قائل : المدعي ليس له مذهب يعتقده بل هو ساذج .
قيل له : هب أن الأمر كذلك ، ففي نفس الأمر إما أن يكون ( الحق ) [10] قول هؤلاء وإما أن يكون قول هؤلاء ، وعلى التقديرين فالاحتجاج بالقدر باطل . فثبت بطلان الاحتجاج به باتفاق الطائفتين : المثبتة والنفاة .