وقد بينا فساد قول هؤلاء في [ غير ] [1] هذا الموضع ، وبينا أن . قولهم بأن المبدع علة تامة موجب بذاته هو نفسه يستلزم فساد قولهم ، فإن العلة التامة تستلزم معلولها ، فلا يجوز أن يتأخر عنها شيء من معلولها
فالحوادث مشهودة في العالم ، فلو كان الصانع موجبا بذاته علة تامة مستلزمة لمعلولها لم يحدث شيء من الحوادث في الوجود إذ الحادث يمتنع [2] أن يكون صادرا عن علة تامة أزلية ، فلو كان العالم قديما لكان مبدعه علة تامة ، والعلة التامة لا يتخلف عنها شيء من معلولها ، فيلزم من ذلك أن لا يحدث في العالم شيء ، فحدوث الحوادث دليل على أن فاعلها ليس بعلة تامة في الأزل ، وإذا [3] انتفت العلة التامة في الأزل بطل القول بقدم شيء من العالم لكن هذا لا ينفي أن الله لم يزل متكلما إذا شاء ، ولم يزل حيا فعالا لما يشاء .