[ ص: 212 ] الثاني : أن يقال وهؤلاء إنما تحسن الاستعاذة بإبليس لو كان يمكنه أن يعيذهم من الله ، سواء كان الله خالقا لأفعال العباد أو لم يكن . القدرية ، كالمصنف وأمثاله هم [1] مع قولهم : إن إبليس يفعل ما لا يقدره الله [2] ، ويفعل بدون مشيئة الله ويكون في ملك الله ما لا يشاؤه [3] ، وإن الله لا يقدر ( * على أن يحرك إبليس ولا غيره من الأحياء ، ولا ينقلهم من عمل إلى عمل : لا من خير إلى شر ، ولا من شر إلى خير ، فهم مسلمون [4] مع هذا * ) [5] القول والفعل والتسليط الذي أثبتوه لإبليس [6] من دون الله - أن إبليس لا يقدر أن يجير [7] على الله ، ولا يعيذ أحدا منه ، فامتنع على هذا أن يستعاذ به ، ولو قدر - والعياذ بالله - ما ألزموه من كون غير إبليس شرا منه على الخلق لكنه مع هذا عاجز عن دفع [8] قضاء الله وقدره ، فكان المستعيذ به ، بل بسائر المخلوقين مخذولا .
كما قال تعالى : لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا [ سورة الإسراء : 22 ] وقال تعالى : قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنى تسحرون [ سورة [ ص: 213 ] المؤمنون : 88 ، 89 ] ، وقال تعالى : مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون [ سورة العنكبوت : 41 ] .