( فصل )
قال [ الرافضي ] : [1] " ومنها أنه يلزم [2] أن نستعيذ [3] بإبليس من الله تعالى ، ولا يحسن قوله تعالى : فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم [ سورة النحل : 98 ] لأنهم [4] المعاصي ، وأضافوها إلى الله تعالى . فيكون الله تعالى على المكلفين شرا من إبليس * ) نزهوا إبليس ( * والكافر من [5] عليهم ، تعالى الله عن ذلك " .
فيقال : هذا كلام ساقط [6] ، وذلك من وجوه :
[ ص: 211 ] أحدها : إما أن يكون لإبليس فعل ، وإما أن لا يكون له [7] فعل . فإن لم يكن له فعل امتنع أن يستعاذ به ، فإنه حينئذ لا يعيذ أحدا ولا يفعل شيئا . وإن كان له فعل بطل تنزيهه عن المعاصي ، فعلم أن هذا الاعتراض ساقط على قول مثبتة القدر ونفاته ، وهو إيراد من غفل عن القولين ، وكذلك [8] بتقدير أن لا يكون لإبليس فعل ، فلا يكون منه [9] شر حتى يقال : إن غيره شر منه ، فضلا عن أن [10] يقال : إن الله [ تعالى ] [11] شر من إبليس [12] .
فدعوى هذا أن هؤلاء يلزمهم أن يكون [13] الله شرا عليهم من إبليس - دعوى باطلة ، إذ غاية ما يقوله القائل هو الجبر المحض [14] ، كما يحكى عن وشيعته ، وغاية ذلك أن لا يكون الجهم [15] لإبليس ولا غيره قدرة ولا مشيئة ولا فعل ، بل تكون حركته كحركة الهواء [16] ، وعلى هذا التقدير فلا يكون منه لا خير ولا شر ، والله تعالى هو الخالق لهذا كله ، فكيف يقال على هذا التقدير [17] إن بعض مخلوقاته شر منه .