الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  الوجه الخامس : أن يقال : هذا الاعتراض باطل على طريقة الطائفتين . أما من لا يقول بالحكمة والعلة ، فإنه يقول : إن الله خلق إبليس الضار لعباده ، وجعل استعاذة العباد [1] به منه طريقا إلى دفع ضرره ، كما جعل إطفاء النار طريقا إلى دفع حريقها ، وكما جعل الترياق طريقا إلى دفع ضرر السم . وهو سبحانه خلق النافع والضار [2] ، وأمر العباد أن يستعملوا ما ينفعهم ، ويدفعوا به ما يضرهم . ثم إن أعانهم على فعل ما أمرهم به كان محسنا إليهم ، وإلا فله أن يفعل ما يشاء ، ويحكم [ ص: 215 ] ما يريد ، إذ لا مالك فوقه ، ولا آمر له ، ولم يتصرف في ملك غيره ، ولم يعص أمرا مطاعا .

                  وأما على الطريقة الثانية المثبتة للحكمة ، فإنهم يقولون : خلق الله إبليس كما خلق الحيات والعقارب والنار وغير ذلك ، لما في خلقه ذلك من الحكمة . وقد أمرنا أن ندفع الضرر عنا بكل ما نقدر عليه ، ومن أعظم الأسباب استعاذتنا به [ منه ] ، فهو الحكيم [3] ( 2 في خلق إبليس وغيره ، وهو الحكيم في أمرنا بالاستعاذة به [ منه ] [4] ، وهو الحكيم [5] 2 ) إذ [6] جعلنا نستعيذ به ، وهو الحكيم في إعاذتنا منه ، وهو الحكيم بنا في ذلك كله ، المحسن إلينا المتفضل علينا ، إذ هو أرحم بنا من الوالدة بولدها [7] إذ هو [8] الخالق لتلك الرحمة ، فخالق الرحمة أولى بالرحمة من الرحماء .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية