( فصل )
قال [ الرافضي ] [1] : " ومنها أنه ، فإن الزنا إذا كان واقعا بإرادة الله تعالى ، والسرقة إذا صدرت عن الله ، وإرادته هي المؤثرة يلزم تعطيل الحدود والزواجر عن [ ص: 229 ] المعاصي [2] [ لم يجز ] [3] للسلطان [4] المؤاخذة عليها ; لأنه يصد السارق عن مراد الله ، ويبعثه على ما يكرهه الله . ولو صد الواحد منا غيره عن [5] مراده ، وحمله على ما يكرهه ، استحق منه اللوم . ويلزم أن يكون الله مريدا للنقيضين ; لأن المعصية مرادة لله ، والزجر عنها مراد له أيضا " .
فيقال : فيما قدمناه ما يبين الجواب عن هذا ، لكن نوضح جواب هذا [ إن شاء الله تعالى ] [6] من وجوه :
أحدها : أن الذي قدره وقضاه من ذلك هو ما وقع ، دون ما لم يكن [ بعد ] [7] . وما وقع لا يقدر [8] أحد أن يرده ، وإنما يرد بالحدود والزواجر [9] ما لم يقع بعد ، فما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن .
فقوله : " لأنه يصد السارق عن مراد الله " [10] [ كذب منه ; لأنه إنما [ ص: 230 ] يصده عما لم يقع بعد وما لم يقع لم يرده الله . ولهذا لو حلف : ليسرقن هذا المال إن شاء الله ، ولم يسرقه لم يحنث باتفاق المسلمين ; لأن الله لم يشأ سرقته .
ولكن القدرية عندهم الإرادة [11] لا تكون إلا بمعنى الأمر فيزعمون أن السرقة إذا كانت مرادة كانت مأمورا بها .
وقد أجمع المسلمون ، وعلم بالاضطرار من دينهم ، أن الله لم يأمر بالسرقة . ومن قال : إن ما وقع منها مراد ، يقول : إنه مراد غير مأمور به ، فلا يقول أنه مأمور به إلا كافر . لكن هذا قد [12] يقال للمباحية المحتجين [13] بالقدر على المعاصي ، فإن منهم من لا يرى أن يعارض الإنسان فيما يظنه مقدرا عليه [14] من المعاصي ، ومنهم من يرى أن يعاونه على ذلك معاونة ، لما ظن أنه مراد ، وهذا الفعل [15] - وإن كان محرما ومعصية - فهم لم يصدوا عن مراد الله . فتبين أن . الصد عن مراد الله ليس واقعا على كل تقدير