الوجه الثالث أن الأمور المقدورة بالاتفاق إذا كان فيها فساد يحسن ردها وإزالتها بعد وقوعها [1] ، ، ويحسن منه السعي في إزالته بعد حصوله ، وفي هذا كالمرض ونحوه فإنه من فعل الله بالاتفاق مراد لله ، ومع هذا يحسن من الإنسان أن يمنع وجوده بالاحتماء واجتناب أسبابه [2] إزالة مراد الله .
وإن قيل : إن قطع السارق يمنع مراد الله كان شرب الدواء لزوال المرض مانعا [3] لمراد الله ، وكذلك دفع [4] السيل الآتي من صبب ، والنار التي تريد أن تحرق الدور ، وإقامة الجدار الذي يريد أن ينقض ، كما أقام الخضر ذلك الجدار . وكذلك إزالة الجوع الحاصل بالأكل وإزالة البرد الحاصل [5] بالاستدفاء ، وإزالة الحر بالظل .
[ ص: 232 ] وقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : " . يا رسول الله أرأيت أدوية نتداوى بها ورقى نسترقي بها وتقاة نتقيها هل ترد من قدر الله شيئا ؟ قال : " هي من قدر الله [6] .
فبين صلى الله عليه وسلم أنه يرد قدر الله بقدر الله إما دفعا وإما رفعا ، إما دفعا لما انعقد سبب لوجوده ، وإما رفعا لما وجد كرفع المرض ودفعه ، ومن هذا قوله تعالى : له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله [ سورة الرعد 11 ] ] قيل : معقبات من أمر الله يحفظونه [7] وقيل : يحفظونه من أمر الله الذي ورد ولم يحصل [8] يحفظونه أن يصل إليه [9] وحفظهم بأمر الله .