الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  الوجه الثالث أن الأمور المقدورة بالاتفاق إذا كان فيها فساد يحسن ردها وإزالتها بعد وقوعها [1] ، كالمرض ونحوه فإنه من فعل الله بالاتفاق مراد لله ، ومع هذا يحسن من الإنسان أن يمنع وجوده بالاحتماء واجتناب أسبابه ، ويحسن منه السعي في إزالته بعد حصوله ، وفي هذا [2] إزالة مراد الله .

                  وإن قيل : إن قطع السارق يمنع مراد الله كان شرب الدواء لزوال المرض مانعا [3] لمراد الله ، وكذلك دفع [4] السيل الآتي من صبب ، والنار التي تريد أن تحرق الدور ، وإقامة الجدار الذي يريد أن ينقض ، كما أقام الخضر ذلك الجدار . وكذلك إزالة الجوع الحاصل بالأكل وإزالة البرد الحاصل [5] بالاستدفاء ، وإزالة الحر بالظل .

                  [ ص: 232 ] وقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله أرأيت أدوية نتداوى بها ورقى نسترقي بها وتقاة نتقيها هل ترد من قدر الله شيئا ؟ قال : " هي من قدر الله " . [6] .

                  فبين صلى الله عليه وسلم أنه يرد قدر الله بقدر الله إما دفعا وإما رفعا ، إما دفعا لما انعقد سبب لوجوده ، وإما رفعا لما وجد كرفع المرض ودفعه ، ومن هذا قوله تعالى : له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله [ سورة الرعد 11 ] ] قيل : معقبات من أمر الله يحفظونه [7] وقيل : يحفظونه من أمر الله الذي ورد ولم يحصل [8] يحفظونه أن يصل إليه [9] وحفظهم بأمر الله .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية