الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  وأما الصلاة في جلد الكلب ، فإنما يجوز ذلك أبو حنيفة إذا كان [1] . مدبوغا . وهذا قول طائفة من العلماء ، ليس هذا [2] من مفاريده ، وحجتهم [3] قوله - صلى الله عليه وسلم - : " أيما إهاب دبغ فقد طهر " . [4] وهذه مسألة اجتهاد وليست هذه من مسائل الشناعات [5] ولو قيل [ ص: 428 ] : لهذا المنكر : هات دليلا قاطعا قاطعا : [6] على تحريم ذلك ، لم يجده ، بل لو طولب بدليل على تحريم الكلب ليرد به على مالك في إحدى الروايتين [ عنه فإنه يكرهه ولا يحرمه ] [7] لم يكن هذا الرد من صناعته ، مع أن الصحيح الذي عليه جمهور العلماء أن جلد الكلب - بل وسائر السباع - لا يطهر بالدباغ .

                  لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - [ من وجوه متعددة ] [8] أنه نهى عن جلود السباع [9] وقوله - صلى الله عليه وسلم - [10] : " أيما إهاب دبغ فقد طهر " ضعفه أحمد وغيره [ من أئمة الحديث ] [11] وقد رواه مسلم .

                  [12] [ ص: 429 ] وكذلك تحريم الكلب دلت عليه أدلة شرعية ، لكن هؤلاء الإمامية تعجز عن إقامة دليل يردون به على مالك في إحدى الروايتين [13]

                  وأما الصلاة على العذرة اليابسة بلا حائل ، فليس هذا مذهب أبي حنيفة ولا أحد من الأئمة الأربعة ، ولكن إذا أصابت الأرض نجاسة ، فذهبت بالشمس أو الريح أو الاستحالة ، فمذهب الأكثرين [14] . طهارة الأرض وجواز الصلاة عليها [15] . هذا مذهب أبي حنيفة ، وأحد القولين في مذهب مالك وأحمد ، وهو القول القديم للشافعي . وهذا القول أظهر من قول من لا يطهرها بذلك .

                  وأما ما ذكره من صفة [16] الصلاة التي يجيزها أبو حنيفة وفعلها عند بعض الملوك حتى رجع عن مذهبه ، فليس بحجة على فساد مذهب أهل السنة ; لأن أهل السنة يقولون : إن الحق لا يخرج عنهم ، لا يقولون : إنه لم يخطئ [17] أحد منهم .

                  وهذه الصلاة ينكرها جمهور أهل السنة ، كمذهب مالك [18] والشافعي وأحمد . والملك الذي ذكره هو محمود بن سبكتكين ، وإنما رجع إلى ما ظهر عنده أنه سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان من خيار الملوك [ ص: 430 ] وأعدلهم [19] وكان من أشد الناس قياما على أهل البدع لا سيما الرافضة ، فإنه كان قد أمر بلعنتهم ولعنة [20] أمثالهم في بلاده ، وكان الحاكم العبيدي بمصر كتب إليه يدعوه فأحرق كتابه على رأس رسوله ، ونصر أهل السنة نصرا معروفا عنه .

                  [21]

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية