الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  فصل . [1] .

                  قال الرافضي [2] . : " الوجه الثالث : أن الإمامية جازمون بحصول النجاة لهم ولأئمتهم  [3] - . ، قاطعون بذلك [4] . ، وبحصول ضدها لغيرهم [5] . . وأهل السنة لا يجيزون ولا يجزمون [6] . بذلك لا لهم ولا لغيرهم . فيكون اتباع أولئك أولى ; لأنا لو فرضنا مثلا خروج شخصين من بغداد يريدان الكوفة فوجدا طريقين سلك كل منهما طريقا ، فخرج ثالث يطلب الكوفة ، فسأل أحدهما : إلى أين تذهب [7] ؟ فقال : إلى الكوفة . فقال له : هل طريقك [ ص: 486 ] توصلك إليها [8] وهل طريقك آمن أم مخوف ؟ وهل طريق صاحبك تؤديه إلى الكوفة ؟ وهل هو آمن أم مخوف ؟ فقال : لا أعلم شيئا من ذلك . ثم سأل صاحبه عن ذلك فقال : أعلم [9] . أن طريقي يوصلني إلى الكوفة ، وأنه آمن ، وأعلم أن طريق صاحبي لا يؤديه إلى الكوفة ، وأنه ليس بآمن [10] . ، فإن الثالث إن تابع الأول عده العقلاء سفيها ، وإن تابع الثاني نسب إلى الأخذ بالحزم " .

                  ( * هكذا ذكره في كتابه والصواب أن يقال : وسأل الثاني فقال [ له الثاني ] [11] . : لا أعلم أن طريقي تؤديني إلى الكوفة ، ولا أعلم أنه آمن أم مخوف * ) [12] . [13] .

                  والجواب على هذا من وجوه : .

                  أحدها : أن يقال : إن كان اتباع الأئمة الذين [14] . تدعى لهم الطاعة المطلقة ، وأن ذلك لا يوجب لهم [15] . النجاة واجبا [16] . ، كان اتباع [17] . خلفاء [ ص: 487 ] بني أمية الذين كانوا يوجبون طاعة أئمتهم طاعة [18] . مطلقا ، ويقولون : إن ذلك يوجب النجاة مصيبين على الحق [19] . ، وكانوا في سبهم عليا وغيره ، وقتالهم لمن قاتلوه من شيعة علي مصيبين ; لأنهم كانوا يعتقدون أن طاعة الأئمة واجبة في كل شيء ، وأن الإمام لا يؤاخذه الله بذنب  ، وأنه [20] . لا ذنب لهم فيما أطاعوا فيه الإمام ، بل أولئك أولى بالحجة من الشيعة ; لأنهم كانوا مطيعين [21] . أئمة أقامهم الله ونصبهم وأيدهم وملكهم ، فإذا كان من مذهب القدرية أن الله لا يفعل إلا ما هو الأصلح لعباده ، كان تولية أولئك الأئمة [22] . مصلحة لعباده .

                  ومعلوم أن اللطف والمصلحة التي حصلت بهم أعظم من اللطف والمصلحة التي حصلت [23] . بإمام معدوم أو عاجز . ولهذا حصل لأتباع خلفاء بني أمية من المصلحة في دينهم ودنياهم ، أعظم مما حصل لأتباع المنتظر ; فإن هؤلاء لم يحصل لهم إمام يأمرهم بشيء من المعروف [24] . ولا ينهاهم عن شيء من المنكر ، ولا يعينهم على شيء من مصلحة دينهم ولا دنياهم ، بخلاف أولئك فإنهم انتفعوا بأئمتهم منافع كثيرة في دينهم ودنياهم ، أعظم مما انتفع هؤلاء بأئمتهم .

                  [ ص: 488 ] فتبين أنه إن كانت [25] . حجة هؤلاء المنتسبين [26] . إلى مشايعة علي - رضي الله عنه - صحيحة ، فحجة أولئك المنتسبين إلى مشايعة عثمان - رضي الله عنه - أولى بالصحة ، وإن كانت باطلة فهذه [27] . أبطل منها . فإذا [28] . كان هؤلاء الشيعة متفقين مع سائر أهل السنة على أن جزم أولئك بنجاتهم إذا أطاعوا أولئك [29] . الأئمة طاعة مطلقة خطأ وضلال ، فخطأ هؤلاء وضلالهم إذا جزموا بنجاتهم لطاعتهم [30] . لمن يدعي أنه نائب المعصوم - والمعصوم لا عين له ولا أثر - أعظم وأعظم ، فإن الشيعة ليس لهم أئمة يباشرونهم بالخطاب ، إلا شيوخهم الذين يأكلون أموالهم بالباطل ، ويصدونهم [31] . عن سبيل الله ، ويصدونهم [32] . عن سبيل الله .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية