[ ص: 503 ] الوجه السابع : ، وإن نازعه غيره من المؤمنين ، أو هو المطاع فيما يأمر به من طاعة الله ورسوله ، وفيما يقوله باجتهاده أن الإمام الذي شهد له بالنجاة : إما أن يكون هو المطاع في كل شيء [1] إذا لم يعلم أن غيره أولى منه ، ونحو ذلك [2] . فإن كان الإمام هو الأول ، فلا إمام لأهل السنة بهذا الاعتبار إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، [ فإنه ليس عندهم من يجب أن يطاع في كل شيء إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ] [3] وهم يقولون كما قال مجاهد والحاكم [4] وغيرهم : كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وهم يشهدون ومالك [5] لإمامهم أنه خير الخلائق ، ويشهدون بأن كل من ائتم به ففعل ما أمر به وترك ما نهى عنه دخل الجنة . وهذه الشهادة بهذا وهذا هم فيها أتم من الرافضة من شهادتهم للعسكريين [6] وأمثالهما بأنه من أطاعهم [7] دخل الجنة .
فثبت أن إمام أهل السنة أكمل ، وشهادتهم له ولهم إذا [8] أطاعوه [ ص: 504 ] أكمل ، ولا سواء . ولكن قال الله تعالى : ( آلله خير أم ما يشركون ) [ سورة النمل : 59 ] فعند المقابلة يذكر فضل الخير المحض على الشر المحض ، [ وإن كان الشر المحض ] [9] لا خير فيه .
وإن أرادوا بالإمام الإمام المقيد ، فذاك لا يوجب أهل السنة طاعته [10] ، إن لم يكن ما أمر به موافقا لأمر الإمام المطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم إذا أطاعوه فيما أمر [ الله بطاعته فيه ] [11] ، فإنما هم مطيعون لله ورسوله ، فلا يضرهم توقفهم في الإمام المقيد : هل هو في الجنة أم لا ؟ كما لا يضر أتباع المعصوم عندهم [12] إذا أطاعوا نوابه ، مع أن نوابه قد يكونون من أهل النار ، لا سيما ونواب المعصوم عندهم لا يعلم [13] أنهم يأمرون بما يأمر به المعصوم ، لعدم العلم بما يقوله معصومهم . وأما أقوال [14] الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهي معلومة ، فمن أمر بها فقد [15] علم أنه وافقها ، ومن أمر بخلافها علم أنه خالفها ، وما خفي منها [16] فاجتهد فيه [17] نائبه ، فهذا خير من طاعة نائب لمن تدعى [ ص: 505 ] عصمته [18] ولا أحد يعلم بشيء مما أمر به هذا الغائب المنتظر ، فضلا عن العلم بكون نائبه موافقا أو مخالفا . فإن ادعوا أن النواب عالمون بأمر من قبله [19] ، فعلم علماء الأمة بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتم وأكمل من علم هؤلاء بقول من يدعون [20] عصمته ، [21] لأهل السنة . ولو طولب أحدهم بنقل صحيح ثابت بما يقولونه عن علي أو عن غيره لما وجدوا إلى ذلك سبيلا . وليس لهم من الإسناد والعلم بالرجال الناقلين ما