الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  ( فصل ) .

                  وأما من بعد جعفر فموسى بن جعفر كلام الرافضي عنه والرد عليه . قال فيه أبو حاتم الرازي [1] : " ثقة [2] صدوق إمام [3] من أئمة المسلمين " . قلت : موسى ولد بالمدينة سنة [ ص: 56 ] بضع وعشرين ومائة ، وأقدمه المهدي إلى بغداد ثم رده إلى المدينة ، وأقام بها إلى أيام الرشيد ، فقدم هارون منصرفا من عمرة ، فحمل موسى معه إلى بغداد ، وحبسه بها إلى أن توفي في محبسه [4] . قال ابن سعد : " فتوفي [5] سنة ثلاث وثمانين ومائة وليس له كثير رواية ، روى عن أبيه جعفر ، وروى عنه أخوه علي ، وروى له الترمذي ، وابن ماجه " [6] .

                  وأما من بعد موسى [7] فلم يؤخذ عنهم من العلم ما يذكر به أخبارهم في كتب المشهورين بالعلم [8] وتواريخهم ، فإن أولئك الثلاثة توجد أحاديثهم في الصحاح والسنن والمسانيد [9] وتوجد فتاويهم في الكتب المصنفة في فتاوى السلف ، مثل كتب ابن المبارك ، وسعيد بن منصور ، وعبد الرزاق ، وأبي بكر بن أبي شيبة وغير هؤلاء . وأما من بعدهم فليس لهم [10] رواية في الكتب الأمهات من كتب [11] الحديث ، ولا فتاوى في الكتب المعروفة التي نقل فيها فتاوى السلف ، ولا لهم في التفسير وغيره أقوال [ ص: 57 ] معروفة ، [12] ولكن لهم من الفضائل والمحاسن ما هم له أهل ، - رضي الله عنهم - [ أجمعين ] [13] ، وموسى بن جعفر مشهور بالعبادة والنسك .

                  وأما الحكاية المذكورة [14] عن شقيق البلخي فكذب ، فإن هذه الحكاية تخالف المعروف من حال موسى بن جعفر ، وموسى كان مقيما بالمدينة بعد موت أبيه جعفر ، وجعفر مات سنة ثمان وأربعين ، ولم يكن قد جاء إذ ذاك إلى العراق حتى يكون بالقادسية ، ولم يكن أيضا ممن يترك [15] منفردا على هذه الحال [16] لشهرته ، وكثرة غاشيته [17] وإجلال الناس له ، وهو معروف ومنهم [18] أيضا بالملك ، ولذلك [19] أخذه المهدي ثم الرشيد إلى بغداد .

                  أما قوله : " تاب على يده بشر الحافي " فمن أكاذيب من لا يعرف حاله ولا حال بشر ، فإن موسى بن جعفر لما قدم [ به ] [20] الرشيد إلى العراق حبسه ، فلم يكن ممن يجتاز على دار بشر وأمثاله من العامة .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية