[ ص: 96 ] الوجه الرابع : أن [1] الحديث الذي ذكره ، وقوله : " " ولم يقل : يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي " ، فلم يروه اسمه كاسمي ، وكنيته كنيتي [2] أحد من أهل العلم بالحديث في كتب الحديث المعروفة بهذا [ ص: 97 ] اللفظ . فهذا الرافضي لم يذكر الحديث بلفظه المعروف في كتب الحديث مثل مسند أحمد [3] ، و [ سنن ] أبي داود [4] ، وغير ذلك من الكتب . وإنما ذكره بلفظ مكذوب لم يروه والترمذي [5] أحد منهم .
وقوله : إن رواه ابن الجوزي [6] بإسناده : إن أراد العالم المشهور صاحب المصنفات الكثيرة أبا الفرج ، فهو [7] كذب عليه . وإن أراد سبطه يوسف بن قزأوغلي [8] صاحب التاريخ المسمى " بمرآة الزمان " وصاحب الكتاب المصنف في " الاثنى عشر " الذي سماه " إعلام الخواص " ، فهذا الرجل [ ص: 98 ] يذكر في مصنفاته أنواعا من الغث والسمين ، ويحتج في أغراضه بأحاديث كثيرة ضعيفة وموضوعة ، وكان يصنف بحسب مقاصد الناس : يصنف للشيعة ما يناسبهم ليعوضوه بذلك ، ويصنف على مذهب لبعض الملوك لينال بذلك أغراضه ، فكانت طريقته طريقة الواعظ الذي قيل له : ما مذهبك ؟ قال في أي مدينة ؟ . أبي حنيفة
ولهذا يوجد في بعض كتبه [ ثلب ] [9] الخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم لأجل مداهنة [10] من قصد بذلك من الشيعة ، ويوجد في بعضها تعظيم الخلفاء الراشدين وغيرهم .
ولهذا لما كان الحديث المعروف عند السلف [11] والخلف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في المهدي : " " صار يطمع كثير من الناس في يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي [12] أن يكون هو المهدي ، حتى سمى المنصور ابنه محمدا ولقبه بالمهدي مواطأة لاسمه [13] باسمه واسم أبيه باسم أبيه ، ولكن لم يكن هو الموعود به .
وأبو عبد الله محمد بن التومرت [ الملقب بالمهدي ، الذي ظهر بالمغرب ، ولقب طائفته بالموحدين ، وأحواله معروفة ، كان يقول : إنه المهدي ] [14] المبشر به وكان أصحابه يخطبون له على منابرهم ، فيقولون في [ ص: 99 ] خطبتهم [15] : الإمام المعصوم ، المهدي المعلوم ، الذي بشرت به في صريح وحيك ، الذي اكتنفته بالنور الواضح ، والعدل اللائح ، الذي ملأ البرية قسطا وعدلا ، كما ملئت ظلما وجورا " .
وهذا الملقب بالمهدي ظهر سنة بضع وخمسمائة [16] وتوفي سنة أربع وعشرين وخمسمائة ، وكان ينتسب [17] إلى أنه من ولد ، لأنه كان أعلم بالحديث ، فادعى أنه هو المبشر به ، ولم يكن الأمر كذلك ، ولا ملأ الأرض كلها قسطا ولا عدلا ، بل دخل في أمور منكرة ، وفعل أمورا حسنة . الحسن
وقد ادعى قبله أنه المهدي عبيد الله [18] بن ميمون القداح [19] ، ولكن لم [ ص: 100 ] يوافق في الاسم ولا اسم الأب [20] وهذا ادعى أنه من ولد محمد بن إسماعيل بن جعفر [21] وأن ميمونا هذا هو [22] محمد بن إسماعيل ، وأهل المعرفة بالنسب وغيرهم من علماء المسلمين [ يعلمون ] [23] أنه كذب في دعوى نسبه ، وأن أباه كان يهوديا ربيب مجوسي ، فله نسبتان : نسبة إلى اليهود ، ونسبة إلى المجوس .
وهو وأهل بيته كانوا ملاحدة ، وهم أئمة الإسماعيلية ، الذين قال فيهم العلماء : " إن [24] ظاهر مذهبهم الرفض ، وباطنه الكفر المحض " . وقد صنف العلماء كتبا في كشف أسرارهم ، وهتك أستارهم ، وبيان كذبهم في دعوى النسب ودعوى الإسلام ، وأنهم بريئون من النبي - صلى الله عليه وسلم - نسبا ودينا .
وكان هذا المتلقب [25] بالمهدي عبيد الله بن ميمون قد ظهر سنة تسع وتسعين ومائتين وتوفي سنة أربع وعشرين وثلاثمائة ، وانتقل الأمر إلى [ ص: 101 ] ولده القائم ، ثم ابنه المنصور ، ثم ابنه المعز الذي بنى القاهرة ، ثم العزيز ، ثم ، ثم الحاكم الظاهر ابنه ، ثم المستنصر [ ابنه ] [26] وطالت مدته ، وفي زمنه كانت فتنة البساسيري ، وخطب له ببغداد عاما كاملا [27] وابن الصباح الذي أحدث السكين للإسماعيلية [28] ، هو من أتباع هؤلاء [29] .
وانقرض ملك هؤلاء في الديار المصرية سنة ثمان وستين وخمسمائة ، فملكوها أكثر من مائتي سنة ، وأخبارهم عن العلماء مشهورة بالإلحاد والمحادة لله ورسوله ، والردة والنفاق .
والحديث الذي فيه : " لا مهدي إلا عيسى ابن مريم " رواه [ ص: 102 ] وهو حديث ضعيف رواه عن ابن ماجه يونس ( * عن عن شيخ [ مجهول ] الشافعي [30] من أهل اليمن ، لا تقوم بإسناده حجة ، وليس هو في مسنده ، بل مداره على [31] بن عبد الأعلى يونس * ) [32] ، وروي عنه أنه قال : حدثت عن الشافعي [33] ، وفي " الخلعيات [34] " وغيرها : " حدثنا يونس عن " لم يقل : " حدثنا الشافعي " ثم قال : " عن حديث الشافعي محمد بن خالد الجندي " وهذا تدليس يدل على توهينه [35] .
[ ومن الناس من يقول : إن لم يروه ] الشافعي [36]