والجواب عن ذلك من وجوه : أحدها : أن ما ذكر من قول - رضي الله عنها - : أترث أباك ولا أرث أبي ؟ لا يعلم فاطمة [1] صحته عنها ، وإن [2] صح فليس [3] فيه حجة ؛ لأن أباها صلوات الله عليه وسلامه لا يقاس بأحد من [ ص: 195 ] البشر ، وليس أولى بالمؤمنين من أنفسهم [ كأبيها ] أبو بكر [4] ، ولا هو ممن حرم الله عليه صدقة الفرض والتطوع كأبيها ، ولا هو أيضا ممن جعل الله محبته مقدمة على محبة الأهل والمال ، كما جعل أباها كذلك .
والفرق بين الأنبياء وغيرهم أن الله تعالى صان الأنبياء عن أن يورثوا دنيا [5] ، لئلا يكون ذلك شبهة لمن يقدح في نبوتهم بأنهم طلبوا الدنيا وخلفوها [6] لورثتهم . وأما أبو الصديق [7] وأمثاله فلا نبوة لهم يقدح فيها بمثل ذلك ، كما صان الله تعالى نبينا عن الخط والشعر صيانة لنبوته عن الشبهة ، وإن كان غيره لم يحتج إلى هذه الصيانة .