الوجه الحادي عشر : أن يقال : قد جرت العادة بأن الظلمة من الملوك إذا تولوا بعد غيرهم من الملوك الذين أحسنوا إليهم أو ربوهم [1] ، وقد انتزعوا الملك من بيت ذلك الملك ، استعطفوهم وأعطوهم ليكفوا عنهم منازعتهم ، فلو قدر - والعياذ بالله - أن أبا بكر - رضي الله عنهما - متغلبان متوثبان ، لكانت العادة تقضي وعمر [2] بأن يزاحما الورثة المستحقين للولاية والتركة [ في المال ] [3] ، بل يعطيانهم ذلك وأضعافه ؛ ليكفوا عن المنازعة في الولاية . وأما منع الولاية والميراث بالكلية فهذا لا يعلم [4] أنه فعله أحد من الملوك ، وإن كان من أظلم الناس وأفجرهم . فعلم أن الذي فعلوه مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر خارج عن العادة [5] الطبيعية في الملوك ، كما هو خارج عن العادات الشرعية في المؤمنين ، وذلك لاختصاصه - صلى الله عليه وسلم - بما لم يخص الله به غيره من ولاة الأمور وهو النبوة [6] ؛ . إذ الأنبياء لا يورثون