فيقال : هذا فيه من الجهل والضلال والخروج عن دين الإسلام وكل دين ، بل وعن العقل الذي يكون لكثير من الكفار ، ما لا يخفى عن من تدبره . الكلام
أما أولا : فلأن
[1] إبليس أكفر من كل كافر ، وكل من دخل النار فمن أتباعه . كما قال تعالى : ( لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين ) سورة ص وهو الآمر [ لهم ]
[2] بكل قبيح المزين له ، فكيف يكون أحد شرا منه ؟ لا سيما من المسلمين ، لا سيما من الصحابة ؟ .
وقول هذا القائل : " شر من إبليس من لم يسبقه في سالف طاعة ، وجرى معه في ميدان المعصية "
[3] يقتضي أن كل من عصى الله فهو شر من إبليس ، لأنه لم يسبقه في سالف طاعة ، وجرى معه في ميدان المعصية . وحينئذ فيكون آدم وذريته شرا من إبليس ; فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " " كل بني آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون
[4] .
ثم أو ليس هذا مما يعلم فساده بالاضطرار من دين [ ص: 508 ] الإسلام ؟ وقائل هذا كافر كفرا معلوما بالضرورة من الدين . وعلى هذا هل يقول من يؤمن بالله واليوم الآخر : إن من أذنب ذنبا من المسلمين يكون شرا من إبليس ؟ فالشيعة دائما يذنبون ، فيكون كل منهم شرا من إبليس . ثم إذا قالت الخوارج : إن أذنب فيكون شرا من إبليس - لم يكن عليا للروافض
[5] حجة إلا دعوى عصمته
[6] . وهم لا يقدرون أن يقيموا حجة على الخوارج بإيمانه وإمامته وعدالته ، فكيف يقيمون حجة عليهم بعصمته ؟ ولكن أهل السنة تقدر أن تقيم الحجة بإيمانه وإمامته ، لأن ما تحتج به الرافضة منقوض ومعارض بمثله ، فيبطل الاحتجاج به .
ثم إذا قام الدليل على قول الجمهور الذي دل عليه القرآن كقوله تعالى : ( وعصى آدم ربه فغوى ) سورة طه ، لزم أن يكون آدم شرا من إبليس .
وفي الجملة فلوازم هذا القول وما فيه من الفساد يفوق الحصر والتعداد .