وأما ثانيا : فهذا كلام بلا حجة ، بل هو باطل في نفسه . فلم قلت : إن شرا من إبليس من لم يسبقه في سالف طاعة وجرى معه في ميدان معصية ؟ الكلام
[1] وذلك أن أحدا لا يجري مع إبليس في ميدان معصيته كلها ، فلا يتصور أن يكون في الآدميين من يساوي إبليس في معصيته ، بحيث يضل الناس كلهم ويغويهم .
وأما طاعة إبليس المتقدمة فهي حابطة بكفره بعد ذلك
[2] ، ( * فإن الردة [ ص: 509 ] تحبط العمل ، فما تقدم
[3] من طاعته : إن كان طاعة فهي حابطة بكفره وردته * ) [4] ، وما يفعله من المعاصي لا يماثله أحد فيه ، فامتنع أن يكون أحد شرا منه ، وصار نظير هذا المرتد الذي يقتل النفوس ويزني ويفعل عامة القبائح بعد سابق طاعاته ، فمن جاء بعده ولم يسبقه إلى تلك الطاعات الحابطة ، وشاركه في قليل من معاصيه ، لا يكون شرا منه ، فكيف يكون أحد شرا من إبليس ؟ .
وهذا ينقض أصول الشيعة : حقها وباطلها . وأقل ما يلزمهم أن يكون أصحاب الذين قاتلوا معه ، وكانوا أحيانا يعصونه ، شرا من الذين امتنعوا عن مبايعته من الصحابة ؛ لأن هؤلاء عبدوا الله قبلهم ، وأولئك جروا معهم في ميدان المعصية . علي