الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  الفصل العاشر [1]

                  قال الرافضي [2] : ومنها ما رواه أخطب خوارزم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : يا علي لو أن عبدا [3] عبد الله - عز [ ص: 37 ] وجل - مثل ما قام [4] نوح في قومه ، وكان له مثل أحد ذهبا فأنفقه في سبيل الله ، ومد في عمره حتى حج ألف عام على قدميه [5] ، ثم قتل بين الصفا والمروة مظلوما ، ثم لم يوالك يا علي ؛ لم يشم رائحة الجنة ولم يدخلها .

                  وقال رجل لسلمان : ما أشد حبك لعلي . قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : من أحب عليا فقد أحبني ، ومن أبغض عليا فقد أبغضني . وعن أنس [6] قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : خلق الله من نور وجه علي [7] سبعين ألف ملك يستغفرون له ولمحبيه [8] إلى يوم القيامة .

                  وعن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أحب عليا قبل الله عنه [9] صلاته وصيامه وقيامه واستجاب دعاءه [10] . ألا ومن أحب عليا أعطاه الله بكل عرق من بدنه [11] مدينة في الجنة . ألا ومن أحب آل محمد أمن من الحساب والميزان والصراط . ألا ومن مات على حب آل محمد فأنا كفيله في الجنة [12] مع الأنبياء ، ألا [13] ومن أبغض آل محمد جاء يوم القيامة [ ص: 38 ] مكتوبا [14] بين عينيه : آيس من رحمة الله .

                  وعن عبد الله بن مسعود قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول [15] : من زعم أنه آمن بي وبما جئت به وهو يبغض [16] عليا فهو كاذب ليس بمؤمن .

                  وعن أبي برزة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن جلوس ذات يوم : والذي نفسي بيده لا يزول قدم [17] عبد يوم القيامة حتى يسأله الله تبارك وتعالى [18] عن أربع [19] : عن عمره فيما [20] أفناه ، وعن جسده فيما [21] أبلاه ، وعن ماله مم اكتسبه وفيم أنفقه [22] ، وعن حبنا أهل البيت [23] . فقال له : عمر فما آية حبكم من بعدكم [24] ؟ فوضع يده على رأس علي بن أبي طالب [25] وهو إلى جانبه [26] فقال [27] : إن حبي من بعدي حب هذا .

                  [ ص: 39 ] وعن عبد الله بن عمر [28] قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد سئل [29] : بأي لغة خاطبك ربك ليلة المعراج ؟ فقال : خاطبني بلغة علي [30] ، فألهمني أن قلت : يا رب خاطبتني أم علي ؟ فقال : يا محمد [31] أنا شيء لست كالأشياء [32] ، لا أقاس بالناس ولا أوصف بالأشياء [33] ، خلقتك من نوري وخلقت عليا من نورك فاطلعت على سرائر قلبك ، فلم أجد إلى قلبك أحب من علي [34] فخاطبتك بلسانه كيما [35] يطمئن قلبك .

                  وعن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لو أن الرياض أقلام والبحر مداد والجن حساب والإنس كتاب ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب [36] .

                  وبالإسناد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : إن الله تعالى جعل الأجر على [37] فضائل علي لا يحصى كثرة [38] ، [ ص: 40 ] فمن ذكر فضيلة من فضائله مقرا بها غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، ومن كتب فضيلة من فضائله لم تزل الملائكة تستغفر له ما بقي لتلك الكتابة رسم ، ومن استمع فضيلة من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالاستماع ، ومن نظر إلى [39] كتاب من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر ، ثم قال : النظر إلى وجه أمير المؤمنين علي [40] عبادة ، وذكره عبادة ، لا يقبل [41] الله إيمان عبد إلا بولايته والبراءة من أعدائه .

                  وعن حكيم بن حزام [42] عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال [43] : لمبارزة علي [44] لعمرو بن عبد [45] ود يوم الخندق أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة .

                  وعن سعد بن أبي وقاص قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا بالسب فأبى ، فقال : ما منعك أن تسب علي بن أبي طالب [46] ؟ قال ثلاث قالهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلن [ ص: 41 ] أسبه ، لأن يكون لي واحدة منهن أحب [47] إلي من حمر النعم : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لعلي وقد خلفه في بعض مغازيه ، فقال له [48] : علي تخلفني مع النساء والصبيان ؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أما ترضى [49] أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ؟ إلا أنه لا نبي بعدي . وسمعته يقول يوم خيبر [50] لأعطين الراية رجلا [51] يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله . قال : فتطاولنا ، فقال [52] : ادعوا لي [53] عليا . فأتاه به رمد ، فبصق في عينيه [54] ودفع الراية إليه ، ففتح الله عليه . وأنزلت [55] هذه الآية : فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم [ سورة آل عمران : 61 ] دعا [56] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليا وفاطمة والحسن والحسين فقال : هؤلاء [57] أهلي .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية