فإن قيل : فإذا كان الحق يخرج عن أهل الحديث ، فلم لم يذكر في أصول الفقه أن إجماعهم حجة ، وذكر الخلاف في ذلك ، كما تكلم على إجماع أهل المدينة وإجماع العترة ؟ .
قيل : لأن أهل الحديث لا يتفقون إلا على ما جاء عن الله ورسوله [1] وما هو منقول عن الصحابة ، فيكون الاستدلال بالكتاب والسنة وبإجماع الصحابة مغنيا [2] عن دعوى إجماع ينازع في كونه حجة بعض الناس ، وهذا بخلاف من يدعي إجماع المتأخرين من أهل المدينة إجماعا ; فإنهم يذكرون ذلك في مسائل لا نص فيها ، بل النص على خلافها .
[ وكذلك المدعون إجماع العترة يدعون ذلك في مسائل لا نص معهم [ ص: 167 ] فيها ، بل النص على خلافها ] [3] ، فاحتاج هؤلاء إلى دعوى ما يدعونه من الإجماع الذي يزعمون أنه حجة .
وأما ، وعليها يجمعون إذا أجمعوا ، لا سيما وأئمتهم يقولون : لا يكون قط إجماع صحيح على خلاف نص إلا ومع الإجماع نص ظاهر معلوم ، يعرف أنه معارض لذلك النص الآخر . فإذا كانوا لا يسوغون أن تعارض النصوص بما يدعى من إجماع الأمة ، لبطلان تعارض النص والإجماع عندهم ، فكيف إذا عورضت النصوص بما يدعى من إجماع العترة أو أهل أهل الحديث فالنصوص الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هي عمدتهم المدينة ؟ .
وكل من سوى أهل السنة والحديث من الفرق فلا ينفرد عن أئمة الحديث بقول صحيح ، بل لا بد أن يكون معه من دين الإسلام ما هو حق . وبسبب ذلك وقعت الشبهة ، ، وقيل فيهم : إنهم يلبسون الحق بالباطل . وإلا فالباطل المحض لا يشتبه على أحد ، ولهذا سمي أهل البدع أهل الشبهات