[ ص: 178 ] وكذلك ، مثل الطوائف المنتسبون إلى السنة من أهل الكلام والرأي الكلابية والأشعرية والكرامية والسالمية ، ومثل طوائف الفقه من الحنفية والمالكية والسفيانية والأوزاعية والشافعية والحنبلية والداودية وغيرهم ، مع تعظيم الأقوال المشهورة عن أهل السنة والجماعة * ) [1] ، لا يوجد لطائفة منهم قول انفردوا به عن سائر الأمة وهو صواب ، بل ما مع كل طائفة منهم من الصواب يوجد عند غيرهم [2] من الطوائف ، وقد ينفردون بخطأ لا يوجد عند غيرهم ، لكن قد تنفرد طائفة بالصواب عمن يناظرها من الطوائف ، كأهل المذاهب الأربعة : قد يوجد لكل واحد [3] منهم أقوال انفرد بها ، وكان الصواب الموافق للسنة معه دون الثلاثة ، لكن يكون قوله قد قاله غيره من الصحابة والتابعين وسائر علماء الأمة ، بخلاف ما انفردوا به ولم ينقل عن غيرهم ، فهذا لا يكون إلا خطأ . وكذلك أهل الظاهر كل قول انفردوا به عن سائر الأمة فهو خطأ ، وأما ما انفردوا به عن الأربعة وهو صواب فقد قاله غيرهم من السلف .
وأما الصواب الذي ينفرد به كل طائفة من الثلاثة فكثير [4] ، لكن الغالب أنه يوافقه عليه بعض أتباع الثلاثة . وذلك كقول بأن المحرم يجوز له أن أبي حنيفة وما أشبهه كالجمجم والمداس . وهو وجه في مذهب يلبس الخف المقطوع أحمد [5] وغيره ، وقوله : بأن [6] الجد يسقط الإخوة ، وقد وافقه عليه بعض أصحاب الشافعي ، وكقوله بأن وأحمد ، وقوله : إن طهارة المسح [ ص: 179 ] يشترط لها دوام الطهارة دون ابتدائها ، وهذا أحد الأقوال الثلاثة في مذهب النجاسة تزول بكل ما يزيلها ومذهب أحمد ، وكذلك قوله بأنها تطهر بالاستحالة . مالك
ومثل قول بأن مالك ، وهو قول في مذهب الخمس مصرفه مصرف الفيء ، فإنه عنه روايتان في خمس الركاز أحمد [7] : هل يصرف مصرف الفيء أو مصرف الزكاة [8] ؟ وإذا صرف مصرف الفيء فإنما هو تابع لخمس الغنيمة .
ومثل قوله بجواز أخذ ، لا فرق بين العرب والعجم ، ولا بين أهل الكتاب وغيرهم ، فلا يعتبر قط أمر النسب ، بل الدين الجزية من كل كافر جازت معاهدته [9] في الذمة والاسترقاق وحل الذبائح والمناكح ، وهذا أصح الأقوال في هذا الباب ، وهو أحد القولين في مذهب ; فإنه لا يخالفه إلا في أحمد ، ولم يبق من مشركي العرب أحد بعد نزول أخذ الجزية من مشركي العرب [10] آية الجزية ، بل كان جميع مشركي العرب قد أسلموا .
ومثل قول : إن أهل مالك مكة يقصرون الصلاة بمنى وعرفة ، وهو قول في مذهب وغيره . أحمد
ومثل مذهبه في الحكم بالدلائل [11] والشواهد ، وفي إقامة الحدود [ ص: 180 ] ورعاية مقاصد الشريعة ، وهذا من محاسن مذهبه ، ومذهب قريب من مذهبه في أكثر ذلك . أحمد
ومثل قول بأن الشافعي لم يعد الصلاة . وكثير من الناس يعيب هذا على الصبي إذا صلى في أول الوقت ثم بلغ ، وغلطوا في ذلك ، بل الصواب قوله ، كما بسط في موضعه ، وهو وجه الشافعي [12] في مذهب . أحمد
وقوله بفعل [13] ذوات الأسباب في وقت النهي وهو إحدى الروايتين عن . وكذلك قوله أحمد ، كقول بطهارة المني في أظهر الروايتين . أحمد
ومثل قول في نكاح البغي : لا يجوز حتى تتوب . وقوله بأن أحمد أنه يؤكل ما لم يوجد فيه أثر آخر ، وهو قول في مذهب الصيد إذا جرح ثم غاب . وقوله بأن الشافعي يصام عن الميت ، بل وكل المنذورات تفعل عن الميت ، ورمضان يطعم عنه . وبعض الناس يضعف هذا القول ، وهو قول صوم النذر الصحابة [14] وغيره ، ولم يفهموا غوره ابن عباس [15] .
وقوله : إن لبس الخفين والسراويل بلا قطع ولا فتق ; فإن هذا كان المحرم إذا لم يجد النعلين والإزار [16] آخر الأمرين من النبي - صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 181 ] وقوله بأن يقطع الصلاة . مرور المرأة والكلب الأسود والحمار
وقوله بأن الجدة ترث وابنها حي . وقوله بصحة المساقاة والمزارعة وما أشبه ذلك ، وإن كان البذر من العامل ، على إحدى الروايتين عنه ، وكذلك طائفة من أصحاب . الشافعي
وقوله في إحدى الروايتين : إن لا يقع ، وهو قول بعض أصحاب طلاق السكران أبي حنيفة . والشافعي
وقوله بأن بيع واشتري به ما يقوم مقامه . الوقف إذا تعطل نفعه
وفي مذهب ما هو أقرب إلى قول أبي حنيفة [17] من غيره ، وكذلك في أحمد [18] مذهب . مالك
وكذلك قوله في ، كإبدال مسجد بغيره ، ويجعل الأول غير مسجد ، كما فعل إبدال الوقف [19] رضي الله عنه . وفي مذهب عمر بن الخطاب أبي حنيفة جواز ومالك [20] الإبدال للحاجة في مواضع .
وقوله بقبول ، وقوله بأن شهادة العبد يجب عليه فيها الإعادة ، وقوله : إن صلاة المنفرد خلف الصف جائز مشروع ، بل هو أفضل ، وقوله بأن فسخ الحج إلى العمرة فقرانه أفضل القارن إذا ساق الهدي [21] من التمتع والإفراد ، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ومثل قوله : إن فرض على الأعيان . صلاة الجماعة