الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  [ ص: 359 ] والكلام في الصفات نوع ، والكلام في القدر نوع ، وهذا الفناء عنده لا يجامع البقاء ; فإنه نفي لكل ما سوى حكم الرب بإرادته الشاملة ، التي تخصص أحد المتماثلين بلا مخصص .

                  ولهذا قال في " باب التوبة " في لطائف أسرار التوبة [1] : " اللطيفة [2] الثالثة : أن [3] مشاهدة العبد الحكم لم تدع له استحسان حسنة ولا استقباح سيئة ، لصعوده من جميع المعاني إلى معنى الحكم " أي الحكم القدري ، وهو خلقه لكل شيء بقدرته وإرادته ; فإن من لم يثبت في الوجود فرقا بالنسبة إلى الرب ، بل يقول : كل ما سواه محبوب له ، مرضي له ، مراد له ، سواء بالنسبة إليه ، ليس يحب شيئا ويبغض شيئا ، فإن مشاهدة هذا لا يكون معه استحسان حسنة ، ولا استقباح سيئة بالنسبة إلى الرب ; إذ الاستحسان والاستقباح على هذا المذهب لا يكون إلا بالنسبة إلى العبد : يستحسن ما يلائمه ، ويستقبح ما ينافيه .

                  وفي عين الفناء لا يشهد نفسه ولا غيره ، بل لا يشهد إلا فعل ربه ، فعند هذه المشاهدة لا يستحسن شيئا ويستقبح آخر ، على قول هؤلاء القدرية الجبرية ، المتبعين لجهم بن صفوان وأمثاله .

                  وهؤلاء وافقوا القدرية في أن مشيئة الرب وإرادته ومحبته ورضاه سواء . ثم قالت القدرية النفاة : وهو لا يحب الكفر والفسوق والعصيان ، فهو لا يريده ولا يشاؤه ; فيكون في ملكه ما لا يشاء .

                  [ ص: 360 ] وقالت الجهمية المجبرة : بل هو يشاء كل شيء ، فهو يريده ويحبه ويرضاه .

                  وأما السلف وأتباعهم : فيفرقون بين المشيئة والمحبة . وأما الإرادة فتكون تارة بمعنى المشيئة ، وتارة بمعنى المحبة . وقد ذكر الأشعري القولين عن أهل السنة المثبتين للقدر : قول من فرق بين المحبة والرضا . وقول من سوى بينهما ، واختار هو التسوية ، وأبو المعالي يقول : إن أبا الحسن أول من سوى بينهما ، لكني رأيته في " الموجز " قد حكى قوله عن سليمان بن حرب ، وعن ابن كلاب ، وعن الكرابيسي ، وعن داود بن علي ، وكذلك ابن عقيل يقول : " أجمع المسلمون على أن الله لا يحب الكفر والفسوق والعصيان ، ولم يقل : إنه يحبه ، غير الأشعري " .

                  وأما القاضي أبو يعلى فهو في " المعتمد " يوافق الأشعري ، وفي " مختصره " ذكر القولين ، وذكر في " المعتمد " قول أبي بكر عبد العزيز : أنه يقول بالفرق ، وتأول كلام أبي بكر بتأويل باطل [4] . لكن أهل الملل كلهم متفقون على أن الله يثيب على الطاعات ، ويعاقب على المعاصي ، وإن كانت المشيئة شاملة للنوعين ، فهم يسلمون الفرق بالنسبة إلى العباد ، والمدعون للمعرفة والحقيقة والفناء فيهما يطلبون أن لا يكون لهم مراد ، بل يريدون ما يريد الحق - تعالى - ; فيقولون : الكمال أن تفنى عن إرادتك ، وتبقى مع إرادة ربك ، وعندهم أن جميع الكائنات بالنسبة إلى [ ص: 361 ] الرب سواء ، فلا يستحسنون حسنة ، ولا يستقبحون سيئة .

                  وهذا الذي قالوه ممتنع عقلا محرم شرعا ، ولكن المقصود هنا بيان قولهم . ولهذا قال شيخ الإسلام في توحيدهم ، وهو التوحيد الثاني : " إنه إسقاط الأسباب الظاهرة " فإن عندهم لم يخلق الله شيئا بسبب ، بل يفعل عنده لا به .

                  قال : " والصعود عن منازعات العقول ، وعن التعلق بالشواهد ، وهو أن لا يشهد في التوحيد دليلا ، ولا في التوكل سببا ، [ ولا في النجاة وسيلة " وذلك ; لأن عندهم ليس في الوجود شيء يكون سببا ] [5] لشيء أصلا ، ولا شيء جعل لأجل شيء ، ولا يكون شيء بشيء .

                  فالشبع عندهم لا يكون بالأكل ، ولا العلم الحاصل في القلب بالدليل ، ولا ما يحصل للمتوكل من الرزق والنصر له سبب أصلا : لا في نفسه ، ولا في نفس الأمر ، ولا الطاعات عندهم سبب للثواب ، ولا المعاصي سبب للعقاب ، فليس للنجاة وسيلة ، بل محض الإرادة الواحدة يصدر عنها كل حادث ، ويصدر مع الآخر مقترنا به اقترانا عاديا ، لا أن أحدهما معلق بالآخر ، أو سبب له ، أو حكمة له ، ولكن لأجل ما جرت به العادة من اقتران أحدهما بالآخر ، يجعل أحدهما أمارة وعلما ، ودليلا على الآخر ، بمعنى أنه إذا وجد أحد المقترنين عادة كان الآخر موجودا معه ، وليس العلم الحاصل في القلب حاصلا بهذا الدليل ، بل هذا أيضا من جملة الاقترانات العادية .

                  [ ص: 362 ] ولهذا قال : " فيكون مشاهدا سبق الحق بحكمه وعلمه " أى : يشهد أنه علم ما سيكون وحكم به ، أي أراده وقضاه وكتبه ، وليس عندهم شيء إلا هذا . وكثير من أهل هذا المذهب يتركون الأسباب الدنيوية ، ويجعلون وجود السبب كعدمه .

                  ومنهم قوم يتركون الأسباب الأخروية ، فيقولون : إن سبق العلم والحكم أنا سعداء فنحن سعداء ، وإن سبق أنا أشقياء فنحن أشقياء ، فلا فائدة في العمل .

                  ومنهم من يترك الدعاء بناء على هذا الأصل الفاسد .

                  ولا ريب أن هذا الأصل الفاسد [6] مخالف للكتاب والسنة ، وإجماع السلف وأئمة الدين ، ومخالف لصريح المعقول ، ومخالف للحس والمشاهدة .

                  وقد سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إسقاط الأسباب نظرا إلى القدر [7] ، فرد ذلك . كما [ ثبت ] [8] في الصحيحين عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " ما منكم من أحد إلا وقد علم مقعده من الجنة ومقعده من النار " قالوا : يا رسول الله ، أفلا ندع العمل ونتكل على الكتاب ؟ فقال : " لا . اعملوا فكل ميسر لما خلق له " [9]

                  [ ص: 363 ] وفي الصحيح أيضا أنه قيل له : يا رسول الله ، أرأيت ما يكدح الناس فيه اليوم ويعملون ، أشيء قضي عليهم ومضى ، أم فيما يستقبلون مما أتاهم فيه الحجة ؟ فقال : " بل شيء قضي عليهم ومضى فيهم " قالوا : يا رسول الله ، أفلا ندع العمل ونتكل على كتابنا ؟ فقال : " لا . اعملوا فكل ميسر لما خلق له " [10] .

                  وفي السنن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قيل له : أرأيت أدوية نتداوى بها ، ورقى نسترقي بها ، وتقاة نتقيها ، هل ترد من قدر الله شيئا ؟ فقال : " هي من قدر الله " [11] .

                  وقد قال تعالى في كتابه : وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات ) [ سورة الأعراف : 57 ] .

                  [ ص: 364 ] وقال : ( وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها ) [ سورة الجاثية : 5 ] .

                  وقال : ( قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ) [ سورة التوبة : 14 ] .

                  وقال : ( ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا ) [ سورة التوبة : 52 ] .

                  وقال : ( يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين ) [ سورة البقرة : 26 ] .

                  وقال : ( يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ) [ سورة المائدة : 16 ] .

                  وقال : ( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ) [ سورة الشورى : 52 ] .

                  وقال : ( ولكل قوم هاد ) [ سورة الرعد : 7 ] فكيف لا يشهد الدليل ؟ ! .

                  قال : ( وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم ) [ سورة الزمر : 61 ] .

                  وقال : ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم ) [ سورة يونس : 9 ] .

                  وقال : ( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء ) [ سورة الطور : 21 ] .

                  وقال : ( كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم ) [ سورة إبراهيم : 1 ] .

                  وقال : ( كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية ) [ سورة الحاقة : 24 ] .

                  [ ص: 365 ] وقال : ( ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون ) [ سورة النحل : 32 ] .

                  وقال : ( إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ) [ سورة الأنفال : 29 ] .

                  وقال : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ) [ سورة الطلاق : 2 - 3 ] .

                  وقال : ( فبما رحمة من الله لنت لهم ) [ سورة آل عمران : 159 ] .

                  وقال : ( فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل ) [ سورة النساء : 160 - 161 ] .

                  وقال : ( فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين ) [ سورة الأنعام : 6 ] .

                  وقال : ( فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار ) [ سورة المائدة : 85 ] .

                  وقال : ( وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ) [ سورة الإنسان : 42 ] .

                  وقال : ( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ) [ سورة آل عمران : 190 ] .

                  وقال : ( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون ) [ سورة البقرة : 164 ] وأمثال ذلك في القرآن كثير .

                  [ ص: 366 ] ( * وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لسعد : " عسى أن تخلف فينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون " * ) [12] ، فكيف يمكن أن يشهد أن الله لم ينصب على توحيده دليلا ، ولا جعل للنجاة من عذابه وسيلة ، ولا جعل لما يفعله المتوكل من عباده سببا .

                  وهو مسبب الأسباب ، وخالق كل شيء بسبب منه ، لكن الأسباب كما قال فيها [13] أبو حامد ، وأبو الفرج [ بن الجوزي ] [14] وغيرهما : " الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد ، ومحو الأسباب أن تكون أسبابا تغيير [15] في وجه العقل ، والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع " .

                  والتوكل معنى يلتئم [16] من معنى التوحيد [17] والعقل والشرع ، فالموحد [18] المتوكل لا يلتفت إلى الأسباب ، بمعنى أنه لا يطمئن إليها ، [ ص: 367 ] ولا يثق بها ، ولا يرجوها ، ولا يخافها ; فإنه ليس في الوجود سبب يستقل بحكم ، بل كل سبب فهو مفتقر إلى أمور أخرى تضم إليه ، وله موانع وعوائق تمنع موجبه ، وما ثم سبب مستقل بالإحداث إلا مشيئة الله وحده ، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، وما شاء خلقه بالأسباب التي يحدثها ويصرف عنه الموانع ، فلا يجوز التوكل إلا عليه .

                  كما قال تعالى : ( إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) [ سورة آل عمران : 160 ] .

                  وما سبق من علمه وحكمه فهو حق . وقد علم وحكم بأن الشيء الفلاني يحدثه هو - سبحانه - بالسبب الفلاني . فمن نظر إلى علمه وحكمه فليشهد الحدوث بما أحدثه ، وإذا نظر إلى الحدوث بلا سبب منه لم يكن شهوده مطابقا لعلمه وحكمه .

                  فمن شهد أن الله - تعالى - خلق الولد لا من أبوين لسبق علمه وحكمه ; فهذا شهوده عمى ، بل يشهد أن الله - تبارك وتعالى - سبق علمه وحكمه بأن يخلق الولد من الأبوين ، والأبوان سبب في وجوده ، فكيف يجوز أن يقال : إنه سبق علمه وحكمه بحدوثه بلا سبب . وإذا كان علمه وحكمه قد أثبت السبب ، فكيف أشهد الأمور بخلاف ما هي [ عليه ] [19] في علمه وحكمه ؟ والعلل التي تنفى نوعان : أحدهما : أن تعتمد على الأسباب وتتوكل عليها . وهذا شرك محرم [20] . والثاني : أن تترك ما أمرت به من الأسباب ، [ ص: 368 ] وهذا أيضا محرم .

                  بل عليك أن تعبده بفعل ما أمرك به من الأسباب ، وعليك أن تتوكل عليه في أن يعينك على ما أمرك به ، وأن يفعل هو ما لا تقدر أنت عليه بدون سبب منك [21] ، فليست العلة إلا ترك ما أمرك به الرب أمر إيجاب أو استحباب [22] ، ومن فعل ما أمر به كما أمر به فليس عنده علة ، ولكن قد يجهل حقيقة ما أمر به [ كما أمر به ] [23] فيكون منه علة .

                  وقول القائل : " يسلك سبيل إسقاط الحدث ، إن أراد أني [24] أعتقد نفي حدوث شيء ، فهذا مكابرة وتكذيب بخلق الرب وجحد للصانع ، وإن أراد أني أسقط الحدث من قلبي فلا أشهد محدثا - وهو مرادهم - فهذا خلاف ما أمرت به ، وخلاف الحق .

                  بل قد أمرت أن أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وأشهد حدوث المحدثات بمشيئته بما [25] خلقه من الأسباب ، ولما خلقه من الحكم [26] ، وما أمرت أن لا أشهد بقلبي حدوث شيء قط .

                  وقول القائل : " يفنى [27] من لم يكن ، ويبقى [28] من لم يزل " إن أراد أنه [ ص: 369 ] يبقى على الوجه المأمور [ به ] [29] بحيث يشهد أن الحق هو المحدث لكل ما سواه بما أحدثه من الأسباب ، ولما أراده من الحكمة ، فهذا حق . وإن أراد [30] أني لا أشهد قط مخلوقا ، بل لا أشهد إلا القديم فقط ; فهذا نقص في الإيمان والتوحيد والتحقيق ، وهذا من باب الجهل والضلال ، وهذا إذا غلب على قلب العبد كان معذورا . أما أن يكون هذا مما [31] أمر الله به ورسوله ; فهذا خلاف الكتاب والسنة والإجماع .

                  ولما كان هذا مرادهم قال [32] : " هذا توحيد الخاصة ، الذي يصح بعلم الفناء ، ويصفو في علم الجمع ، ويجذب إلى توحيد أرباب الجمع " ، فإن المراد بالجمع أن يشهد [33] الأشياء كلها مجتمعة في خلق الرب ومشيئته ، وأنها صادرة بإرادته ، لا يرجح [34] مثلا عن مثل ، فلا يفرق بين مأمور ومحظور ، وحسن وقبيح ، وأولياء [ الله ] وأعدائه [35] .

                  والوقوف عند هذا الجمع هو الذي أنكره الجنيد وغيره من أئمة طريق أهل الله أهل الحق [36] ; فإنهم أمروا بالفرق الثاني ، وهو أن يشهد [37] مع هذا الجمع أن الرب فرق بين ما أمر به وبين ما نهى عنه ، فأحب هذا ، [ ص: 370 ] وأبغض هذا ، وأثاب على هذا ، وعاقب على هذا ، فيحب ما أحبه الله ورسوله ، ويبغض ما أبغضه الله ورسوله ، ويشهد الفرق [38] في الجمع ، والجمع في الفرق ، لا [39] يشهد جمعا محضا ، ولا فرقا محضا [40] .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية