الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  فالله فطر عباده على الحنيفية ملة إبراهيم ، وأصلها محبة الله وحده ، فما من فطرة لم تفسد إلا وهي تجد فيها محبة الله تعالى ، لكن قد تفسد الفطرة إما لكبر وغرض فاسد [1] كما في فرعون . وإما بأن يشرك معه غيره في المحبة .

                  كما قال تعالى : ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله ) [ سورة البقرة : 165 ] .

                  وأما أهل التوحيد الذين يعبدون الله مخلصين له الدين ، فإن في [ ص: 404 ] قلوبهم محبة الله ، لا يماثله فيها غيره . ولهذا كان الرب محمودا حمدا مطلقا على كل ما فعله ، وحمدا خاصا على إحسانه إلى الحامد ، فهذا حمد الشكر ، والأول حمده [2] على كل ما فعله .

                  كما قال : ( الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ) [ سورة الأنعام : 1 ] ، ( الحمد لله فاطر السماوات والأرض ) الآية [ سورة فاطر : 1 ] .

                  والحمد ضد الذم . والحمد خبر بمحاسن المحمود مقرون بمحبته ، والذم خبر بمساوئ المذموم مقرون ببغضه ; فلا يكون حمد لمحمود إلا مع محبته ، ولا يكون ذم لمذموم إلا مع بغضه ، وهو سبحانه له الحمد في الأولى والآخرة .

                  وأول ما نطق به آدم : [ الحمد لله رب العالمين ] [3] ، وأول ما سمع من ربه : يرحمك ربك ، وآخر دعوى أهل الجنة : أن الحمد لله رب العالمين ، وأول من يدعى إلى الجنة الحمادون ، ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - صاحب لواء الحمد ، آدم فمن دونه تحت لوائه ، وهو صاحب المقام المحمود ، الذي يغبطه به الأولون والآخرون .

                  فلا تكون عبادة إلا بحب المعبود [4] ، [ ولا يكون حمد إلا بحب المحمود ] [5] ، وهو سبحانه المعبود المحمود .

                  [ ص: 405 ] وأول نصف الفاتحة الذي للرب حمده ، وآخره عبادته ، أوله : ( الحمد لله رب العالمين ) ، وآخره : ( إياك نعبد ) . كما ثبت في حديث القسمة : " يقول الله - تبارك وتعالى - : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، فنصفها لي ، ونصفها لعبدي ، ولعبدي ما سأل . يقول العبد : ( الحمد لله رب العالمين ) ; فيقول الله : حمدني عبدي ، يقول العبد : ( الرحمن الرحيم ) ، فيقول الله تعالى : أثنى علي عبدي ، يقول العبد : ( مالك يوم الدين ) فيقول الله - تبارك وتعالى - : مجدني عبدي ، يقول العبد : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) ، فيقول الله تعالى : هذه الآية بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل . يقول العبد : ( اهدنا الصراط المستقيم ) إلى آخر السورة . يقول الله تعالى : هؤلاء [6] لعبدي ، ولعبدي ما سأل " رواه مسلم [ في صحيحه ] [7] . وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أفضل ما قلت : أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير " [8] فجمع بين التوحيد [ ص: 406 ] والتحميد . كما قال تعالى : ( فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين ) [ سورة غافر 65 ] .

                  وكان ابن عباس يقول : إذا قلت : لا إله إلا الله ، فقل : الحمد لله رب العالمين ، يتأول هذه الآية [9] .

                  وفي سنن ابن ماجه وغيره ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " أفضل الذكر : لا إله إلا الله ، وأفضل الدعاء : الحمد لله " [10] .

                  [ ص: 407 ] وفي السنن عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم " [11] .

                  وقال أيضا : " كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء " [12] .

                  [ ص: 408 ] فلا بد في الخطب [13] من الحمد لله ومن توحيده ; ولهذا كانت الخطب في الجمع والأعياد وغير ذلك مشتملة على هذين الأصلين ، وكذلك التشهد في آخر الصلاة أوله ثناء على الله ، وآخره الشهادتان ، ولا يكون الثناء إلا على محبوب ، ولا التأله إلا لمحبوب ، وقد بسطنا [14] الكلام في حقائق هذه الكلمات في مواضع متعددة .

                  وإذا كان العباد يحمدونه ويثنون عليه ويحبونه ، فهو [15] سبحانه أحق بحمد نفسه والثناء على نفسه والمحبة لنفسه ، كما قال أفضل الخلق : " لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك " [16] فلا ثناء من مثن أعظم من ثناء الرب على نفسه ، ولا ثناء إلا بحب ، ولا حب من محبوب لمحبوب أعظم من محبة الرب لنفسه ، وكل ما يحبه من عباده فهو تابع لحبه لنفسه ، فهو يحب المقسطين والمحسنين ، والصابرين والمؤمنين ، ويحب التوابين ، ويحب المتطهرين ، ويفرح بتوبة التائبين ، كل ذلك تبعا لمحبته لنفسه [17] ; فإن المؤمن إذا كان يحب ما يحبه من المخلوقات لله ; فيكون حبه للرسول والصالحين تبعا لحبه لله ، فكيف الرب تعالى فيما يحبه من مخلوقاته ؟ ! .

                  إنما يحبه تبعا لحبه لنفسه [18] ، وخلق المخلوقات لحكمته التي يحبها .

                  [ ص: 409 ] فما خلق شيئا إلا لحكمة ، وهو سبحانه قد قال : ( أحسن كل شيء خلقه ) [ سورة السجدة : 7 ] ، وقال : ( صنع الله الذي أتقن كل شيء ) [ سورة النمل : 88 ] .

                  وليس في أسمائه الحسنى إلا اسم يمدح به ; ولهذا كانت كلها حسنى ، والحسنى بخلاف السوأى ، فكلها حسنة ، والحسن محبوب ممدوح .

                  فالمقصود بالخلق ما يحبه ويرضاه ، وذلك أمر ممدوح ، ولكن قد يكون من لوازم ذلك ما يريده ; لأنه من لوازم ما يحبه ووسائله ، فإن وجود الملزوم بدون اللازم ممتنع ، كما يمتنع وجود العلم والإرادة بلا حياة ، ويمتنع وجود المولود - [ مع كونه مولودا ] [19] - بلا ولادة .

                  وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح ، حديث الاستفتاح : " والخير كله [20] بيديك ، والشر ليس إليك " [21] وقد قيل : في تفسيره لا يتقرب به إليك بناء على أنه الأعمال المنهي عنها ، وقد قيل : [ ص: 410 ] لا يضاف إليك بناء على أنه المخلوق .

                  والشر المخلوق لا يضاف إلى الله مجردا عن الخير [ قط ] [22] ، وإنما يذكر على أحد وجوه ثلاثة : إما مع إضافته إلى المخلوق ، كقوله : ( من شر ما خلق ) [ سورة الفلق : 2 ] ، وإما مع حذف الفاعل ، كقوله تعالى : ( وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا ) [ سورة الجن : 10 ] .

                  ومنه في الفاتحة : ( صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) [ سورة الفاتحة : 7 ] ، فذكر الإنعام مضافا إليه ، وذكر الغضب محذوفا فاعله ، وذكر الضلال مضافا إلى العبد .

                  وكذلك قوله : ( وإذا مرضت فهو يشفين ) [ سورة الشعراء : 80 ] .

                  وإما أن يدخل في العموم كقوله : ( خالق كل شيء ) [ سورة الأنعام : 102 ] ; ولهذا إذا ذكر باسمه الخاص قرن بالخير ، كقوله في أسمائه الحسنى : الضار ، النافع ، المعطي ، المانع ، [ الخافض ، الرافع ، المعز ، المذل ، فجمع [23] بين الاسمين لما فيه من العموم [24] والشمول الدال على وحدانيته ، وأنه وحده يفعل جميع هذه الأشياء ; ولهذا لا يدعى بأحد الاسمين : كالضار ، والنافع ، والخافض ، والرافع ، بل يذكران جميعا ] [25] . ولهذا كان كل نعمة منه فضلا ، وكل نقمة منه عدلا .

                  [ ص: 411 ] وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة ، سحاء الليل والنهار ، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض ، فإنه لم يغض ما في يمينه ؟ والقسط بيده الأخرى يخفض ويرفع " [26] ، فالإحسان بيده اليمنى ، والعدل بيده الأخرى ، وكلتا يديه يمين مباركة .

                  كما [ ثبت ] في الصحيح [27] عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " المقسطون عند الله يوم القيامة على منابر من نور على يمين الرحمن ، وكلتا يديه يمين ، الذي يعدلون في أهليهم وما ولوا " [28] ، ولبسط هذا موضع آخر .

                  والمقصود هنا أنه سبحانه إذا خلق ما يبغضه ويكرهه ، لحكمة يحبها ويرضاها ، فهو مريد لكل ما خلقه ، وإن كان بعض مخلوقاته إنما خلقه لغيره ، وهو يبغضه ولا يحبه .

                  وهذا الفرق بين المحبة والمشيئة هو مذهب السلف وأهل الحديث والفقهاء ، وأكثر متكلمي أهل السنة ، كالحنفية والكرامية [29] ، [ ص: 412 ] والمتقدمين من الحنبلية والمالكية والشافعية ، كما ذكر ذلك [ أبو بكر ] [30] : عبد العزيز في كتاب " المقنع " ، وهو أحد قولي الأشعري ، وعليه اعتمد أبو الفرج بن الجوزي ، ورجحه على قول من قال : لا يحب الفساد للمؤمن ، أو لا يحبه دينا .

                  وذكر أبو المعالي أن هذا قول السلف ، وأن أول من جعلهما [31] سواء من أهل الإثبات هو أبو الحسن .

                  والذين قالوا : هذا من متأخري المالكية والشافعية والحنبلية ، كأبي المعالي ، والقاضي أبي يعلى وغيرهما ، هم في ذلك تبع للأشعري ، وبهذا الفرق يظهر أن الإرادة نوعان : إرادة أن يخلق ، وإرادة لما أمر به . [ فأما المأمور به ] [32] فهو مراد إرادة شرعية دينية ، [ متضمنة ] [33] أنه يحب ما أمر به ويرضاه .

                  وهذا معنى قولنا : يريد [34] من عبده ، فهو يريده له كما يريد الأمر الناصح للمأمور المنصوح ، يقول : هذا خير لك ، وأنفع [ لك ] [35] ، وهو إذا فعله أحبه الله ورضيه ، والمخلوقات مرادة إرادة خلقية كونية ، وهذه الإرادة متضمنة لما وقع دون ما لم يقع ، وقد يكون الشيء مرادا له غير محبوب ، بل أراده لإفضائه إلى وجود ما هو محبوب له ، أو لكونه شرطا في وجود ما هو محبوب له .

                  [ ص: 413 ] فهذه الإرادة الخلقية هي المذكورة في قوله تعالى : ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا ) [ سورة الأنعام : 125 ] .

                  وفي قوله : ( ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم ) [ سورة هود : 34 ] .

                  وفي قول المسلمين : ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن .

                  وفي قوله : ( ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ) [ سورة السجدة : 13 ] ، وأمثال ذلك .

                  والإرادة الأمرية هي المذكورة في قوله : ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) [ سورة البقرة : 185 ] .

                  وفي قوله : ( والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا ) [ سورة النساء : 27 - 28 ] ، وفي قوله : ( ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم ) [ سورة المائدة : 6 ] ، وأمثال ذلك .

                  وإذا قيل : الأمر هل يستلزم الإرادة ، أم يأمر بما لا يريد ؟

                  قيل : هو لا يستلزم الإرادة الأولى ، وهي [36] : إرادة الخلق . فليس كل ما أمر الله به أراد أن يخلقه ، وأن يجعل العبد المأمور فاعلا له .

                  والقدرية تنفي أن يريد ذلك ; لأنه عندهم لا يجعل أحدا فاعلا ، ولا [ ص: 414 ] يخلق فعل أحد .

                  وأما أهل السنة فعندهم هو الذي جعل الأبرار أبرارا ، والمسلمين مسلمين ، وعندهم من أمره وجعله فاعلا للمأمور صار فاعلا له ، وإن لم يجعله فاعلا [ له ] [37] لم يصر فاعلا له [38] فأهل الإيمان والطاعة أراد منهم إيمانهم وطاعتهم أمرا وخلقا ، فأمرهم بذلك وأعانهم عليه ، وجعلهم فاعلين لذلك [39] ، ولولا إعانته لهم على طاعته لما أطاعوه . وأهل الكفر والمعصية أمرهم ولم يجعلهم مطيعين ، فلم يرد أن يخلق طاعتهم ، لكنه أمرهم بها وأرادها منهم إرادة شرعية دينية ; لكونها منفعة لهم ومصلحة إذا فعلوها ، ولم يرد هو أن يخلقها لما في ذلك من الحكمة ، وإذا كان يحبها بتقدير وجودها ، فقد يكون ذلك مستلزما لأمر يكرهه ، أو لفوات ما هو أحب إليه منه ، ودفعه أحب إليه من حصول ذلك المحبوب ، فيكون ترك هذا المحبوب لدفع المكروه أحب إليه من وجوده ، كما أن وجود المكروه المستلزم لوجود المحبوب يجعله مرادا لأجله ، إذا كان محبته له أعظم من محبته لعدم المكروه الذي هو الوسيلة [40] .

                  وليس كل من نصحته بقولك عليك أن تعينه على الفعل الذي أمرته به . فالأنبياء والصالحون دائما ينصحون الناس ويأمرونهم ، ويدلونهم على ما إذا فعلوه كان صلاحا لهم ، ولم يعاونونهم على أفعالهم ، وقد يكونون قادرين ، لكن مقتضى حكمتهم أن لا يفعلوا ذلك لأسباب متعددة .

                  [ ص: 415 ] والرب تعالى على كل شيء قدير ، لكن ما من شيء إلا وله ضد ينافيه ، وله لازم لا بد منه ; فيمتنع وجود الضدين معا ، أو وجود الملزوم بدون اللازم ، كل من الضدين مقدور لله ، والله قادر على أن يخلقه ، لكن بشرط عدم الآخر ، فأما وجود الضدين معا فممتنع [41] لذاته ، فلا يلزم من كونه قادرا على كل منهما وجود أحدهما مع الآخر .

                  والعباد قد لا يعلمون التنافي أو التلازم ، فلا يكونون عالمين بالامتناع ; فيظنونه ممكن الوجود ، مع حصول المحبوب المطلوب [42] للرب ، وفرق بين العلم بالإمكان [ وعدم العلم بالامتناع ، وإنما عندهم عدم العلم بالامتناع ، لا العلم بالإمكان ] [43] والعدم لا فاعل له ، فأتوا من عدم علمهم ، وهو الجهل الذي هو أصل الكفر [44] .

                  وهو سبحانه إذا اقتضت حكمته خلق شيء ، فلا بد من خلق لوازمه ونفي أضداده ، فإذا قال القائل : لم لم يجعل [45] معه الضد المنافي ؟ أو لم وجد اللازم ؟ كان لعدم علمه بالحقائق .

                  وهذا مثل أن يقول القائل : هلا خلق زيدا قبل أبيه ؟ .

                  فيقال له : يمتنع أن يكون ابنه ويخلق قبله ، أو يخلق حتى يخلق أبوه ، والناس تظهر لهم الحكمة في كثير من تفاصيل الأمور التي يتدبرونها ، كما تظهر لهم الحكمة في ملوحة ماء العين ، وعذوبة ماء الفم ، ومرارة [ ص: 416 ] ماء الأذن ، وملوحة ماء البحر . وذلك يدلهم على الحكمة فيما لم يعلموا حكمته ، فإن من رأى إنسانا بارعا في النحو أو الطب أو الحساب أو الفقه ، وعلم أنه أعلم منه بذلك ، إذا أشكل عليه بعض كلامه فلم يفهمه ، سلم ذلك إليه .

                  فرب العالمين الذي بهرت العقول حكمته ورحمته ، الذي أحاط بكل شيء علما ، وأحصى كل شيء عددا ، وهو أرحم الراحمين ، وأحكم الحاكمين ، وأرحم بعباده من الوالدة بولدها ، كيف لا يجب على العبد أن يسلم ما جهله [46] من حكمته إلى ما علمه منها ؟ ! .

                  وهذه الأمور مبسوطة في غير هذا الموضع ، والمقصود هنا التنبيه على المختلفين في الكتاب ، الذين يرد كل منهم قول الآخر ، وفي كلام كل منهم حق وباطل ، وقد ذكرنا مثالين : مثالا في الأسماء والأحكام والوعد والوعيد ، ومثالا في الشرع والقدر .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية