الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  [ ص: 91 ] فصل [1]

                  قال الرافضي [2] : " وتنازعت امرأتان في طفل ، ولم [3] يعلم الحكم ، وفزع فيه [4] إلى أمير المؤمنين علي [5] ، فاستدعى أمير المؤمنين المرأتين [6] ووعظهما فلم ترجعا ، فقال : ائتوني بمنشار ، فقالت المرأتان : ما تصنع به ؟ [7] فقال : أقده بينكما نصفين فتأخذ [8] كل واحدة نصفا ، فرضيت واحدة [9] . وقالت الأخرى : الله الله يا أبا الحسن ، إن كان ولا بد من ذلك فقد سمحت لها به ، فقال علي : الله أكبر [10] هو ابنك دونها ، ولو كان ابنها لرقت عليه ، فاعترفت الأخرى أن الحق مع صاحبتها ، ففرح عمر ، ودعا لأمير المؤمنين " .

                  [ ص: 92 ] والجواب : أن هذه قصة [11] لم يذكر لها إسنادا [12] ، ولا يعرف صحتها ، ولا أعلم أحدا من أهل العلم ذكرها ، [ ولو كان لها حقيقة لذكروها ، ] [13] ولا تعرف عن عمر وعلي ، ولكن هي معروفة عن سليمان بن داود - عليهما السلام - . وقد ثبت ذلك في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " بينما امرأتان معهما ابناهما جاء الذئب فذهب بابن إحداهما . فقالت هذه [14] لصاحبتها : إنما ذهب بابنك ، وقالت الأخرى : إنما ذهب بابنك ، فتحاكما إلى داود ، فقضى به للكبرى ، فخرجتا على سليمان بن داود فأخبرتاه ، فقال : ائتوني بالسكين أشقه بينكما ، فقالت الصغرى : لا تفعل يرحمك الله ، هو ابنها ، فقضى به للصغرى " ، قال أبو هريرة : والله إن سمعت بالسكين إلا يومئذ ، ما كنا نقول : إلا المدية [15] .

                  [ ص: 93 ] فإن كان بعض الصحابة : علي أو غيره ، سمعوها من النبي - صلى الله عليه وسلم - كما سمعها أبو هريرة ، أو سمعوها من أبي هريرة ، فهذا غير مستبعد ، وهذه القصة فيها أن الله - تعالى - فهم سليمان من الحكم ما لم يفهمه لداود [16] كما فهمه الحكم : إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم ، وكان سليمان قد سأل ربه حكما يوافق حكمه ، ومع هذا فلا يحكم بمجرد ذلك بأن سليمان أفضل من داود - عليهما السلام - .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية