[ ص: 96 ] فصل [1] 
قال الرافضي [2]  : " وكان يضطرب في الأحكام فقضى في الجد بمائة قضية " [3]   . 
والجواب  : أن  عمر   - رضي الله عنه - أسعد الصحابة المختلفين في الجد بالحق  ؛ فإن الصحابة في الجد مع الإخوة على قولين : أنه يسقط الإخوة ، وهذا قول  أبي بكر  وأكثر الصحابة ، كأبي بن كعب  ، وأبي موسى  ،  وابن عباس  ،  وابن الزبير  ، ويذكر عن أربعة عشر منهم ، وهو مذهب  أبي حنيفة  ، وطائفة من أصحاب  الشافعي   وأحمد  ، كابن سريج  من أصحاب  الشافعي  ، وأبي حفص البرمكي  من أصحاب  أحمد  ، ويذكر هذا رواية عن  أحمد   . 
وهذا القول هو الصحيح ، فإن نسبة بني الإخوة من الأب إلى الجد ، كنسبة الأعمام بني الجد إلى الجد أبي الأب ، وقد اتفق المسلمون على أن الجد أبا الأب أولى من الأعمام ، فيجب أن يكون الجد أبو الأب أولى من الإخوة . 
وأيضا فإن الإخوة لو كانوا لكونهم يدلون ببنوة الأب بمنزلة الجد ، لكان أبناؤهم ، وهم بنو الإخوة ، كذلك . فلما كان أولادهم ليسوا  [ ص: 97 ] بمنزلتهم ، علم أنهم لا يتقدمون ببنوة الأب ، ألا ترى أن الابن لما كان أولى من الجد كان ابنه [ - ابن الابن - ] [4] بمنزلته ؟ 
وأيضا فإن الجدة كالأم ، فيجب أن يكون الجد كالأب ، ولأن الجد يسمى أبا ، وهذا القول هو إحدى الروايتين عن  عمر   . 
والقول الثاني : أن الجد يقاسم الإخوة ، وهذا قول  علي  وزيد   وابن مسعود  ، وروي عن  عثمان  القولان ، ولكنهم مختلفون في التفصيل [5] اختلافا متباينا . 
وجمهور أهل هذا القول على مذهب زيد  ،  كمالك   والشافعي   وأحمد  ، وأما قول  علي  في الجد فلم يذهب إليه أحد من أئمة الفقهاء ، وإنما يذكر عن  ابن أبي ليلى  أنه كان يقضي به ، ويذكر عن  علي  فيه أقوال مختلفة ، فإن كان القول الأول هو الصواب ، فهو قول  لعمر  ، وإن كان الثاني فهو قول  لعمر   . 
وإنما نفذ قول زيد  في الناس لأنه كان قاضي  عمر  ، وكان  عمر  ينفذ قضاءه [6] في الجد لورعه ، لأنه كان يرى أن الجد كالأب مثل قول  أبي بكر  ، فلما صار جدا تورع [7] وفوض الأمر في ذلك لزيد   . 
				
						
						
