( فصل )
[1]
والقاعدة الكلية في هذا أن
nindex.php?page=treesubj&link=21385لا نعتقد أن أحدا معصوم [2] بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، بل الخلفاء وغير الخلفاء
[3] يجوز عليهم الخطأ ، والذنوب التي تقع منهم ، قد يتوبون منها ، وقد تكفر
[4] عنهم بحسناتهم الكثيرة ، وقد يبتلون [ أيضا ]
[5] بمصائب يكفر الله عنهم بها ،
[ ص: 197 ] وقد يكفر عنهم بغير ذلك .
فكل
[6] ما ينقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان غايته أن يكون ذنبا أو خطأ .
nindex.php?page=treesubj&link=30422_31282_31281_31274 nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان - رضي الله عنه - قد حصلت له أسباب المغفرة من وجوه كثيرة ، منها سابقته وإيمانه وجهاده وغير ذلك من طاعاته .
وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شهد له ، بل بشره بالجنة على بلوى تصيبه
[7] .
ومنها أنه تاب من عامة ما أنكروه عليه ، وأنه ابتلي ببلاء عظيم ، فكفر الله به خطاياه ، وصبر حتى قتل شهيدا مظلوما . وهذا من أعظم ما يكفر الله به الخطايا .
[ وكذلك
nindex.php?page=showalam&ids=8علي - رضي الله عنه - : ما تنكره
الخوارج وغيرهم عليه غايته أن يكون ذنبا أو خطأ ، وكان قد حصلت له أسباب المغفرة من وجوه كثيرة . منها سابقته وإيمانه وجهاده ، وغير ذلك من طاعته ، وشهادة
[8] النبي - صلى الله عليه وسلم - له بالجنة . ومنها أنه تاب من أمور كثيرة أنكرت عليه وندم
[ ص: 198 ] عليها ، ومنها أنه قتل مظلوما شهيدا ]
[9] .
فهذه القاعدة تغنينا أن نجعل كل ما فعل [ واحد منهم ]
[10] هو الواجب أو المستحب من غير حاجة بنا إلى ذلك . والناس المنحرفون في هذا الباب صنفان : القادحون الذين يقدحون في الشخص بما يغفره الله له . والمادحون الذين يجعلون الأمور المغفورة من باب السعي المشكور . فهذا يغلو في الشخص الواحد حتى يجعل سيئاته حسنات . وذلك يجفو فيه حتى يجعل السيئة الواحدة منه محبطة للحسنات .
وقد أجمع المسلمون [ كلهم ]
[11] - حتى
الخوارج - على أن الذنوب تمحى بالتوبة ، وأن منها ما يمحى بالحسنات . وما يمكن أحد
[12] أن يقول : إن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان [ أو
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا أو غيرهما ] لم يتوبوا
[13] من ذنوبهم . فهذه حجة على
الخوارج الذين يكفرون
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان nindex.php?page=showalam&ids=8وعليا ، وعلى
الشيعة الذين يقدحون في
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان وغيره ، وعلى الناصبة الذين يخصون عليا بالقدح .
ولا ريب أن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان - رضي الله عنه - تقابلت
[14] فيه طائفتان : شيعته
[15] من بني أمية وغيرهم ، ومبغضوه
[16] من
الخوارج والزيدية والإمامية وغيرهم .
[ ص: 199 ] لكن شيعته أقل غلوا فيه من
شيعة علي ، فما بلغنا أن أحدا منهم اعتقد فيه بخصوصه إلاهية ولا نبوة ، ولا بلغنا أن أحدا اعتقد ذلك في
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر .
لكن قد يكون بعض من يغلو في جنس المشايخ ، ويعتقد فيهم الحلول أو الاتحاد أو العصمة
[17] ، يقول ذلك في هؤلاء ، لكن لا يخصهم بذلك .
ولكن
شيعة عثمان ، الذين كان فيهم انحراف عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، كان كثير منهم يعتقد أن الله إذا استخلف خليفة يقبل
[18] منه الحسنات ويتجاوز له عن السيئات ، وأنه يجب طاعته في كل ما يأمر به . وهو مذهب كثير من شيوخ
الشيعة العثمانية وعلمائها .
ولهذا لما حج
nindex.php?page=showalam&ids=16044سليمان بن عبد الملك ، وتكلم مع
أبي حازم في ذلك ، قال له
أبو حازم : يا أمير المؤمنين إن الله تعالى يقول : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=26ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب ) [ سورة ص : 26 ] . وموعظة
أبي حازم لسليمان معروفة
[19] .
[ ص: 200 ] ولما تولى
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز أظهر من السنة والعدل ما كان قد خفي ، ثم مات ، فطلب
nindex.php?page=showalam&ids=17369يزيد بن عبد الملك أن يسير سيرته ، فجاء إليه عشرون شيخا من شيوخ [
الشيعة ] [20] العثمانية ، فحلفوا له بالله الذي لا إله إلا هو أن الله إذا استخلف خليفة تقبل منه الحسنات وتجاوز له عن السيئات ، حتى أمسك عن مثل طريقة
عمر [ بن عبد العزيز ]
[21] .
ولهذا كانت فيهم طاعة مطلقة لمتولي أمرهم ، فإنهم كانوا يرون أن الله أوجب عليهم طاعة ولي أمرهم مطلقا ، وأن الله لا يؤاخذه على سيئاته ، ولم يبلغنا أن أحدا منهم كان يعتقد فيهم أنهم معصومون ، بل يقولون : إنهم لا يؤاخذون على ذنب ، كأنهم يرون أن سيئات الولاة مكفرة بحسناتهم ، كما تكفر الصغائر باجتناب الكبائر .
فهؤلاء إذا كانوا لا يرون
خلفاء بني أمية ،
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية فمن بعده ، مؤاخذين بذنب ، فكيف يقولون في
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان - مع سابقته [ وفضله ]
[22] وحسن سيرته وعدله ، وأنه من الخلفاء الراشدين ؟
وأما
الخوارج ، فأولئك يكفرون
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان nindex.php?page=showalam&ids=8وعليا جميعا . ولم يكن لهم اختصاص بذم
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان . وأما
nindex.php?page=treesubj&link=19098_10036_31309شيعة علي فكثير منهم - أو أكثرهم - يذم nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ، حتى
الزيدية الذين يترحمون على
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر ، فيهم من يسب
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ويذمه ، وخيارهم الذي يسكت عنه فلا يترحم عليه ولا يلعنه .
[ ص: 201 ] وقد كان من
شيعة عثمان من يسب
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا ، ويجهر بذلك على المنابر وغيرها ؛ لأجل القتال الذي كان بينهم وبينه . وكان
أهل السنة من جميع الطوائف تنكر ذلك عليهم ، وكان فيهم من يؤخر الصلاة عن وقتها ، فكان المتمسك بالسنة يظهر محبة علي وموالاته ، ويحافظ على الصلاة
[23] في مواقيتها . حتى رئي
عمرو بن مرة الجملي ، وهو من خيار
أهل الكوفة : شيخ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري وغيره ، بعد موته ، فقيل له : ما فعل الله بك ؟ فقال : غفر لي بحب
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، ومحافظتي على الصلاة في مواقيتها .
وغلت
شيعة علي في الجانب الآخر ، حتى صاروا يصلون العصر مع الظهر دائما قبل وقتها الخاص ، ويصلون العشاء مع المغرب دائما قبل وقتها الخاص ، فيجمعون بين الصلاتين دائما في وقت الأولى . وهذا خلاف المتواتر من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن الجمع إنما كان [ يفعله ]
[24] لسبب ، لا سيما الجمع في وقت الأولى ، فإن الذي تواتر عند الأئمة أنه فعله
بعرفة . وأما ما فعله بغيرها ففيه نزاع . ولا خلاف أنه لم يكن يفعله دائما لا في الحضر ولا في السفر ، بل في حجة الوداع لم يجمع إلا بعرفة ومزدلفة . ولكن روي عنه الجمع في غزوة
[25] تبوك . وروي أيضا أنه جمع بالمدينة ، لكن نادرا لسبب . والغالب عليه ترك الجمع . فكيف يجمع بين الصلاتين دائما ؟
وأولئك إذا كانوا يؤخرون الظهر إلى وقت العصر ، فهو خير من تقديم
[26] العصر إلى وقت الظهر . فإن جمع التأخير خير من جمع التقديم . فإن
[ ص: 202 ] الصلاة يفعلها النائم والناسي قضاء بعد الوقت . وأما الظهر قبل الزوال فلا تصلى بحال .
وهكذا تجد في غالب الأمور بدع هؤلاء أشنع من بدع أولئك . ولم يكن أحد منهم يتعرض
nindex.php?page=showalam&ids=1لأبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر إلا بالمحبة والثناء والتعظيم ، ولا بلغنا أن أحدا منهم كفر
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا ، كما كفرته
الخوارج الذين خرجوا عليه من أصحابه . وإنما غاية من يعتدي
[27] منهم على
nindex.php?page=showalam&ids=8علي - رضي الله عنه - أن يقول : كان ظالما ، ويقولون : لم يكن من الخلفاء ، ويروون عنه أشياء من المعاونة على قتل
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ، والإشارة بقتله في الباطن ، والرضا بقتله .
وكل ذلك كذب على
nindex.php?page=showalam&ids=8علي - رضي الله عنه - . وقد حلف - رضي الله عنه - وهو الصادق بلا يمين - أنه لم يقتل
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ، ولا مالأ على قتله ، بل ولا رضي بقتله ، وكان يلعن قتلة
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان .
وأهل السنة يعلمون ذلك منه بدون قوله . فهو أتقى لله من أن يعين على قتل
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ، أو يرضى بذلك .
nindex.php?page=treesubj&link=28833فما قالته شيعة علي في nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان أعظم مما قالته شيعة عثمان في nindex.php?page=showalam&ids=8علي ؛ فإن كثيرا منهم يكفر
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان .
وشيعة عثمان لم تكفر
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا . ومن لم يكفره يسبه ويبغضه أعظم مما كانت
شيعة عثمان تبغض
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا .
وأهل السنة يتولون
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان nindex.php?page=showalam&ids=8وعليا جميعا ، ويتبرءون من التشيع والتفرق في الدين ، الذي يوجب موالاة أحدهما ومعاداة الآخر . وقد استقر أمر
أهل السنة على أن هؤلاء مشهود لهم بالجنة ،
nindex.php?page=showalam&ids=55ولطلحة nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير ، وغيرهما
[ ص: 203 ] ممن شهد له الرسول بالجنة ، [ كما قد بسط في موضعه ]
[28] . وكان طائفة من السلف يقولون : لا نشهد
[29] بالجنة إلا الرسول - صلى الله عليه وسلم - خاصة . وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=12691محمد ابن الحنفية nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي وطائفة أخرى من
أهل الحديث ،
كعلي بن المديني وغيره
[30] ، يقولون : هم في الجنة ، ولا يقولون
[31] : نشهد لهم بالجنة .
والصواب أنا نشهد لهم بالجنة كما استقر على ذلك مذهب
أهل السنة . وقد ناظر
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد [ بن حنبل ]
[32] لعلي بن المديني في هذه المسألة .
وهذا معلوم عندنا بخبر الصادق . وهذه المسألة لبسطها موضع آخر . والكلام هنا فيما يذكر عنهم من أمور يراد بها الطعن عليهم .
فطائفة تغلو فيهم فتريد أن تجعلهم معصومين [ أو كالمعصومين ]
[33] . وطائفة تريد أن تسبهم وتذمهم بأمور ، إن كانت صدقا فهم مغفور لهم ، أو هم غير مؤاخذين بها ، فإنه ما ثم إلا ذنب أو خطأ في الاجتهاد . والخطأ قد رفع الله المؤاخذة به عن هذه الأمة . والذنب لمغفرته عدة أسباب كانت موجودة فيهم . وهما
[34] أصلان : عام وخاص . أما العام فإن الشخص الواحد يجتمع فيه أسباب الثواب والعقاب عند عامة
[ ص: 204 ] المسلمين ، من الصحابة والتابعين [ لهم بإحسان ]
[35] وأئمة المسلمين .
والنزاع في ذلك مع
الخوارج والمعتزلة الذين يقولون : ما ثم إلا مثاب في الآخرة أو معاقب ، ومن دخل النار لم يخرج منها : لا بشفاعة ولا غيرها ، ويقولون : إن الكبيرة تحبط جميع الحسنات ، ولا يبقى مع صاحبها من الإيمان شيء .
وقد ثبت بالنصوص المستفيضة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=treesubj&link=30444إخراج قوم [36] من النار بعد ما امتحشوا . وثبت أيضا
nindex.php?page=treesubj&link=30373_30377شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل الكبائر من أمته . والآثار بذلك متواترة عند أهل العلم بالحديث ، أعظم من تواتر الآثار بنصاب
[37] السرقة ، ورجم الزاني المحصن ، ونصب الزكاة ، ووجوب الشفعة ، وميراث الجدة ، وأمثال ذلك .
لكن
[38] هذا الأصل لا يحتاج إليه في مثل
[39] nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان وأمثاله ممن شهد له بالجنة ، وأن الله رضي عنه ، وأنه لا يعاقبه في الآخرة ، بل نشهد أن العشرة في الجنة ، وأن
أهل بيعة الرضوان في الجنة ، وأن
أهل بدر في الجنة ، كما ثبت الخبر بذلك
[40] عن الصادق المصدوق ، [ الذي لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ]
[41] . وقد دخل في الفتنة خلق من
[ ص: 205 ] هؤلاء المشهود لهم بالجنة ، والذي قتل
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر هو
nindex.php?page=showalam&ids=10050أبو الغادية [42] ، وقد قيل : إنه من
أهل بيعة الرضوان ، ذكر ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم .
فنحن نشهد
nindex.php?page=showalam&ids=56لعمار بالجنة ، ولقاتله إن كان من [
أهل ] بيعة الرضوان [43] بالجنة . وأما عثمان وعلي وطلحة والزبير فهم أجل قدرا من غيرهم ، ولو كان منهم ما كان ، فنحن لا نشهد أن الواحد من هؤلاء لا يذنب ، بل الذي نشهد به أن الواحد من هؤلاء إذا أذنب ، فإن الله لا يعذبه في الآخرة ، ولا يدخله النار ، بل يدخله الجنة بلا ريب ، وعقوبة الآخرة تزول عنه : إما بتوبة منه ، وإما بحسناته الكثيرة
[44] ، وإما بمصائبه المكفرة ، وإما بغير ذلك ، كما قد بسطناه في موضعه .
( فَصْلٌ )
[1]
وَالْقَاعِدَةُ الْكُلِّيَّةُ فِي هَذَا أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=21385لَا نَعْتَقِدَ أَنَّ أَحَدًا مَعْصُومٌ [2] بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بَلِ الْخُلَفَاءُ وَغَيْرُ الْخُلَفَاءِ
[3] يَجُوزُ عَلَيْهِمُ الْخَطَأُ ، وَالذُّنُوبُ الَّتِي تَقَعُ مِنْهُمْ ، قَدْ يَتُوبُونَ مِنْهَا ، وَقَدْ تُكَفَّرُ
[4] عَنْهُمْ بِحَسَنَاتِهِمُ الْكَثِيرَةِ ، وَقَدْ يُبْتَلَوْنَ [ أَيْضًا ]
[5] بِمَصَائِبَ يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنْهُمْ بِهَا ،
[ ص: 197 ] وَقَدْ يُكَفَّرُ عَنْهُمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ .
فَكُلُّ
[6] مَا يُنْقَلُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ غَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ ذَنْبًا أَوْ خَطَأً .
nindex.php?page=treesubj&link=30422_31282_31281_31274 nindex.php?page=showalam&ids=7وَعُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَدْ حَصَلَتْ لَهُ أَسْبَابُ الْمَغْفِرَةِ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ ، مِنْهَا سَابِقَتُهُ وَإِيمَانُهُ وَجِهَادُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ طَاعَاتِهِ .
وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَهِدَ لَهُ ، بَلْ بَشَّرَهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ
[7] .
وَمِنْهَا أَنَّهُ تَابَ مِنْ عَامَّةِ مَا أَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ ، وَأَنَّهُ ابْتُلِيَ بِبَلَاءٍ عَظِيمٍ ، فَكَفَّرَ اللَّهُ بِهِ خَطَايَاهُ ، وَصَبَرَ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا مَظْلُومًا . وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ مَا يُكَفِّرُ اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا .
[ وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : مَا تُنْكِرُهُ
الْخَوَارِجُ وَغَيْرُهُمْ عَلَيْهِ غَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ ذَنْبًا أَوْ خَطَأً ، وَكَانَ قَدْ حَصَلَتْ لَهُ أَسْبَابُ الْمَغْفِرَةِ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ . مِنْهَا سَابِقَتُهُ وَإِيمَانُهُ وَجِهَادُهُ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ طَاعَتِهِ ، وَشَهَادَةِ
[8] النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ بِالْجَنَّةِ . وَمِنْهَا أَنَّهُ تَابَ مِنْ أُمُورٍ كَثِيرَةٍ أُنْكِرَتْ عَلَيْهِ وَنَدِمَ
[ ص: 198 ] عَلَيْهَا ، وَمِنْهَا أَنَّهُ قُتِلَ مَظْلُومًا شَهِيدًا ]
[9] .
فَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تُغْنِينَا أَنْ نَجْعَلَ كُلَّ مَا فَعَلَ [ وَاحِدٌ مِنْهُمْ ]
[10] هُوَ الْوَاجِبَ أَوِ الْمُسْتَحَبَّ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ بِنَا إِلَى ذَلِكَ . وَالنَّاسُ الْمُنْحَرِفُونَ فِي هَذَا الْبَابِ صِنْفَانِ : الْقَادِحُونَ الَّذِينَ يَقْدَحُونَ فِي الشَّخْصِ بِمَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ لَهُ . وَالْمَادِحُونَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ الْأُمُورَ الْمَغْفُورَةَ مِنْ بَابِ السَّعْيِ الْمَشْكُورِ . فَهَذَا يَغْلُو فِي الشَّخْصِ الْوَاحِدِ حَتَّى يَجْعَلَ سَيِّئَاتِهِ حَسَنَاتٍ . وَذَلِكَ يَجْفُو فِيهِ حَتَّى يَجْعَلَ السَّيِّئَةَ الْوَاحِدَةَ مِنْهُ مُحْبِطَةً لِلْحَسَنَاتِ .
وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ [ كُلُّهُمْ ]
[11] - حَتَّى
الْخَوَارِجُ - عَلَى أَنَّ الذُّنُوبَ تُمْحَى بِالتَّوْبَةِ ، وَأَنَّ مِنْهَا مَا يُمْحَى بِالْحَسَنَاتِ . وَمَا يُمْكِنُ أَحَدٌ
[12] أَنْ يَقُولَ : إِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ [ أَوْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا أَوْ غَيْرَهُمَا ] لَمْ يَتُوبُوا
[13] مِنْ ذُنُوبِهِمْ . فَهَذِهِ حُجَّةٌ عَلَى
الْخَوَارِجِ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ nindex.php?page=showalam&ids=8وَعَلِيًّا ، وَعَلَى
الشِّيعَةِ الَّذِينَ يَقْدَحُونَ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ وَغَيْرِهِ ، وَعَلَى النَّاصِبَةِ الَّذِينَ يَخُصُّونَ عَلِيًّا بِالْقَدْحِ .
وَلَا رَيْبَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَقَابَلَتْ
[14] فِيهِ طَائِفَتَانِ : شِيعَتُهُ
[15] مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَغَيْرِهِمْ ، وَمُبْغِضُوهُ
[16] مِنَ
الْخَوَارِجِ وَالزَّيْدِيَّةِ وَالْإِمَامِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ .
[ ص: 199 ] لَكِنَّ شِيعَتَهُ أَقَلُّ غُلُوًّا فِيهِ مِنْ
شِيعَةِ عَلِيٍّ ، فَمَا بَلَغَنَا أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمُ اعْتَقَدَ فِيهِ بِخُصُوصِهِ إِلَاهِيَّةً وَلَا نُبُوَّةً ، وَلَا بَلَغَنَا أَنَّ أَحَدًا اعْتَقَدَ ذَلِكَ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرَ .
لَكِنْ قَدْ يَكُونُ بَعْضُ مَنْ يَغْلُو فِي جِنْسِ الْمَشَايِخِ ، وَيَعْتَقِدُ فِيهِمُ الْحُلُولَ أَوِ الِاتِّحَادَ أَوِ الْعِصْمَةَ
[17] ، يَقُولُ ذَلِكَ فِي هَؤُلَاءِ ، لَكِنْ لَا يَخُصُّهُمْ بِذَلِكَ .
وَلَكِنْ
شِيعَةُ عُثْمَانَ ، الَّذِينَ كَانَ فِيهِمِ انْحِرَافٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ ، كَانَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ يَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ إِذَا اسْتَخْلَفَ خَلِيفَةً يَقْبَلُ
[18] مِنْهُ الْحَسَنَاتِ وَيَتَجَاوَزُ لَهُ عَنِ السَّيِّئَاتِ ، وَأَنَّهُ يَجِبُ طَاعَتُهُ فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُ بِهِ . وَهُوَ مَذْهَبُ كَثِيرٍ مِنْ شُيُوخِ
الشِّيعَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ وَعُلَمَائِهَا .
وَلِهَذَا لَمَّا حَجَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16044سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، وَتَكَلَّمَ مَعَ
أَبِي حَازِمٍ فِي ذَلِكَ ، قَالَ لَهُ
أَبُو حَازِمٍ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=26يَادَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ) [ سُورَةُ ص : 26 ] . وَمَوْعِظَةُ
أَبِي حَازِمٍ لِسُلَيْمَانَ مَعْرُوفَةٌ
[19] .
[ ص: 200 ] وَلَمَّا تَوَلَّى
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَظْهَرَ مِنَ السُّنَّةِ وَالْعَدْلِ مَا كَانَ قَدْ خَفِيَ ، ثُمَّ مَاتَ ، فَطَلَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=17369يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنْ يَسِيرَ سِيرَتَهُ ، فَجَاءَ إِلَيْهِ عِشْرُونَ شَيْخًا مِنْ شُيُوخِ [
الشِّيعَةِ ] [20] الْعُثْمَانِيَّةِ ، فَحَلَفُوا لَهُ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَنَّ اللَّهَ إِذَا اسْتَخْلَفَ خَلِيفَةً تَقَبَّلَ مِنْهُ الْحَسَنَاتِ وَتَجَاوُزَ لَهُ عَنِ السَّيِّئَاتِ ، حَتَّى أَمْسَكَ عَنْ مِثْلِ طَرِيقَةِ
عُمَرَ [ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ]
[21] .
وَلِهَذَا كَانَتْ فِيهِمْ طَاعَةٌ مُطْلَقَةٌ لِمُتَوَلِّي أَمْرِهِمْ ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ عَلَيْهِمْ طَاعَةَ وَلِيِّ أَمْرِهِمْ مُطْلَقًا ، وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُؤَاخِذُهُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ ، وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ كَانَ يَعْتَقِدُ فِيهِمْ أَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ ، بَلْ يَقُولُونَ : إِنَّهُمْ لَا يُؤَاخَذُونَ عَلَى ذَنْبٍ ، كَأَنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ سَيِّئَاتِ الْوُلَاةِ مُكَفَّرَةٌ بِحَسَنَاتِهِمْ ، كَمَا تُكَفَّرُ الصَّغَائِرُ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ .
فَهَؤُلَاءِ إِذَا كَانُوا لَا يَرَوْنَ
خُلَفَاءَ بَنِي أُمَيَّةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةَ فَمَنْ بَعْدَهُ ، مُؤَاخَذِينَ بِذَنْبٍ ، فَكَيْفَ يَقُولُونَ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ - مَعَ سَابِقَتِهِ [ وَفَضْلِهِ ]
[22] وَحُسْنِ سِيرَتِهِ وَعَدْلِهِ ، وَأَنَّهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ ؟
وَأَمَّا
الْخَوَارِجُ ، فَأُولَئِكَ يُكَفِّرُونَ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ nindex.php?page=showalam&ids=8وَعَلِيًّا جَمِيعًا . وَلَمْ يَكُنْ لَهُمُ اخْتِصَاصٌ بِذَمِّ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ . وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=19098_10036_31309شِيعَةُ عَلِيٍّ فَكَثِيرٌ مِنْهُمْ - أَوْ أَكْثَرُهُمْ - يَذُمُّ nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ ، حَتَّى
الزَّيْدِيَّةُ الَّذِينَ يَتَرَحَّمُونَ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرَ ، فِيهِمْ مَنْ يَسُبُّ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ وَيَذُمُّهُ ، وَخِيَارُهُمُ الَّذِي يَسْكُتُ عَنْهُ فَلَا يَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ وَلَا يَلْعَنُهُ .
[ ص: 201 ] وَقَدْ كَانَ مِنْ
شِيعَةِ عُثْمَانَ مَنْ يَسُبُّ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا ، وَيَجْهَرُ بِذَلِكَ عَلَى الْمَنَابِرِ وَغَيْرِهَا ؛ لِأَجْلِ الْقِتَالِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ . وَكَانَ
أَهْلُ السُّنَّةِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ تُنْكِرُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ، وَكَانَ فِيهِمْ مَنْ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا ، فَكَانَ الْمُتَمَسِّكُ بِالسُّنَّةِ يُظْهِرُ مَحَبَّةَ عَلِيٍّ وَمُوَالَاتَهُ ، وَيُحَافِظُ عَلَى الصَّلَاةِ
[23] فِي مَوَاقِيتِهَا . حَتَّى رُئِيَ
عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ الْجَمَلِيُّ ، وَهُوَ مِنْ خِيَارِ
أَهْلِ الْكُوفَةِ : شَيْخُ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيِّ وَغَيْرِهِ ، بَعْدَ مَوْتِهِ ، فَقِيلَ لَهُ : مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ ؟ فَقَالَ : غَفَرَ لِي بِحُبِّ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَمُحَافَظَتِي عَلَى الصَّلَاةِ فِي مَوَاقِيتِهَا .
وَغَلَتْ
شِيعَةُ عَلِيٍّ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ ، حَتَّى صَارُوا يُصَلُّونَ الْعَصْرَ مَعَ الظُّهْرِ دَائِمًا قَبْلَ وَقْتِهَا الْخَاصِّ ، وَيُصَلُّونَ الْعِشَاءَ مَعَ الْمَغْرِبِ دَائِمًا قَبْلَ وَقْتِهَا الْخَاصِّ ، فَيَجْمَعُونَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ دَائِمًا فِي وَقْتِ الْأُولَى . وَهَذَا خِلَافُ الْمُتَوَاتِرِ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِنَّ الْجَمْعَ إِنَّمَا كَانَ [ يَفْعَلُهُ ]
[24] لِسَبَبٍ ، لَا سِيَّمَا الْجَمْعُ فِي وَقْتِ الْأُولَى ، فَإِنَّ الَّذِي تَوَاتَرَ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ فَعَلَهُ
بِعَرَفَةَ . وَأَمَّا مَا فَعَلَهُ بِغَيْرِهَا فَفِيهِ نِزَاعٌ . وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَفْعَلُهُ دَائِمًا لَا فِي الْحَضَرِ وَلَا فِي السَّفَرِ ، بَلْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لَمْ يَجْمَعْ إِلَّا بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ . وَلَكِنْ رُوِيَ عَنْهُ الْجَمْعُ فِي غَزْوَةِ
[25] تَبُوكَ . وَرُوِيَ أَيْضًا أَنَّهُ جَمَعَ بِالْمَدِينَةِ ، لَكِنْ نَادِرًا لِسَبَبٍ . وَالْغَالِبُ عَلَيْهِ تَرْكُ الْجَمْعِ . فَكَيْفَ يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ دَائِمًا ؟
وَأُولَئِكَ إِذَا كَانُوا يُؤَخِّرُونَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ ، فَهُوَ خَيْرٌ مِنْ تَقْدِيمِ
[26] الْعَصْرِ إِلَى وَقْتِ الظُّهْرِ . فَإِنَّ جَمْعَ التَّأْخِيرِ خَيْرٌ مِنْ جَمْعِ التَّقْدِيمِ . فَإِنَّ
[ ص: 202 ] الصَّلَاةَ يَفْعَلُهَا النَّائِمُ وَالنَّاسِي قَضَاءً بَعْدَ الْوَقْتِ . وَأَمَّا الظُّهْرُ قَبْلَ الزَّوَالِ فَلَا تُصَلَّى بِحَالٍ .
وَهَكَذَا تَجِدُ فِي غَالِبِ الْأُمُورِ بِدَعَ هَؤُلَاءِ أَشْنَعَ مِنْ بِدَعِ أُولَئِكَ . وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَتَعَرَّضُ
nindex.php?page=showalam&ids=1لِأَبِي بَكْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرَ إِلَّا بِالْمَحَبَّةِ وَالثَّنَاءِ وَالتَّعْظِيمِ ، وَلَا بَلَغَنَا أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ كَفَّرَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا ، كَمَا كَفَّرَتْهُ
الْخَوَارِجُ الَّذِينَ خَرَجُوا عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِهِ . وَإِنَّمَا غَايَةُ مَنْ يَعْتَدِي
[27] مِنْهُمْ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يَقُولَ : كَانَ ظَالِمًا ، وَيَقُولُونَ : لَمْ يَكُنْ مِنَ الْخُلَفَاءِ ، وَيَرْوُونَ عَنْهُ أَشْيَاءَ مِنَ الْمُعَاوَنَةِ عَلَى قَتْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ ، وَالْإِشَارَةِ بِقَتْلِهِ فِي الْبَاطِنِ ، وَالرِّضَا بِقَتْلِهِ .
وَكُلُّ ذَلِكَ كَذِبٌ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - . وَقَدْ حَلَفَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ الصَّادِقُ بِلَا يَمِينٍ - أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ ، وَلَا مَالَأَ عَلَى قَتْلِهِ ، بَلْ وَلَا رَضِيَ بِقَتْلِهِ ، وَكَانَ يَلْعَنُ قَتَلَةَ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ .
وَأَهْلُ السُّنَّةِ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ مِنْهُ بِدُونِ قَوْلِهِ . فَهُوَ أَتْقَى لِلَّهِ مِنْ أَنْ يُعِينَ عَلَى قَتْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ ، أَوْ يَرْضَى بِذَلِكَ .
nindex.php?page=treesubj&link=28833فَمَا قَالَتْهُ شِيعَةُ عَلِيٍّ فِي nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ أَعْظَمُ مِمَّا قَالَتْهُ شِيعَةُ عُثْمَانَ فِي nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ ؛ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ يُكَفِّرُ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ .
وَشِيعَةُ عُثْمَانَ لَمْ تُكَفِّرْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا . وَمَنْ لَمْ يُكَفِّرْهُ يَسُبُّهُ وَيَبْغَضُهُ أَعْظَمَ مِمَّا كَانَتْ
شِيعَةُ عُثْمَانَ تُبْغِضُ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا .
وَأَهْلُ السُّنَّةِ يَتَوَلَّوْنَ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ nindex.php?page=showalam&ids=8وَعَلِيًّا جَمِيعًا ، وَيَتَبَرَّءُونَ مِنَ التَّشَيُّعِ وَالتَّفَرُّقِ فِي الدِّينِ ، الَّذِي يُوجِبُ مُوَالَاةَ أَحَدِهِمَا وَمُعَادَاةَ الْآخَرِ . وَقَدِ اسْتَقَرَّ أَمْرُ
أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ مَشْهُودٌ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=55وَلِطَلْحَةَ nindex.php?page=showalam&ids=15وَالزُّبَيْرِ ، وَغَيْرِهِمَا
[ ص: 203 ] مِمَّنْ شَهِدَ لَهُ الرَّسُولُ بِالْجَنَّةِ ، [ كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ ]
[28] . وَكَانَ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ يَقُولُونَ : لَا نَشْهَدُ
[29] بِالْجَنَّةِ إِلَّا الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً . وَهَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12691مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ nindex.php?page=showalam&ids=13760وَالْأَوْزَاعِيِّ وَطَائِفَةٍ أُخْرَى مِنْ
أَهْلِ الْحَدِيثِ ،
كَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرِهِ
[30] ، يَقُولُونَ : هُمْ فِي الْجَنَّةِ ، وَلَا يَقُولُونَ
[31] : نَشْهَدُ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ .
وَالصَّوَابُ أَنَّا نَشْهَدُ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ كَمَا اسْتَقَرَّ عَلَى ذَلِكَ مَذْهَبُ
أَهْلِ السُّنَّةِ . وَقَدْ نَاظَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ [ بْنُ حَنْبَلٍ ]
[32] لِعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ .
وَهَذَا مَعْلُومٌ عِنْدَنَا بِخَبَرِ الصَّادِقِ . وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لِبَسْطِهَا مَوْضِعٌ آخَرُ . وَالْكَلَامُ هُنَا فِيمَا يُذْكَرُ عَنْهُمْ مِنْ أُمُورٍ يُرَادُ بِهَا الطَّعْنُ عَلَيْهِمْ .
فَطَائِفَةٌ تَغْلُو فِيهِمْ فَتُرِيدُ أَنْ تَجْعَلَهُمْ مَعْصُومِينَ [ أَوْ كَالْمَعْصُومِينَ ]
[33] . وَطَائِفَةٌ تُرِيدُ أَنْ تَسُبَّهُمْ وَتَذُمَّهُمْ بِأُمُورٍ ، إِنْ كَانَتْ صِدْقًا فَهُمْ مَغْفُورٌ لَهُمْ ، أَوْ هُمْ غَيْرُ مُؤَاخَذِينَ بِهَا ، فَإِنَّهُ مَا ثَمَّ إِلَّا ذَنْبٌ أَوْ خَطَأٌ فِي الِاجْتِهَادِ . وَالْخَطَأُ قَدْ رَفَعَ اللَّهُ الْمُؤَاخَذَةَ بِهِ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ . وَالذَّنْبُ لِمَغْفِرَتِهِ عِدَّةُ أَسْبَابٍ كَانَتْ مَوْجُودَةٌ فِيهِمْ . وَهُمَا
[34] أَصْلَانِ : عَامٌّ وَخَاصٌّ . أَمَّا الْعَامُّ فَإِنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ يَجْتَمِعُ فِيهِ أَسْبَابُ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ عِنْدَ عَامَّةِ
[ ص: 204 ] الْمُسْلِمِينَ ، مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ [ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ ]
[35] وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ .
وَالنِّزَاعُ فِي ذَلِكَ مَعَ
الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ : مَا ثَمَّ إِلَّا مُثَابٌ فِي الْآخِرَةِ أَوْ مُعَاقَبٌ ، وَمَنْ دَخَلَ النَّارَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا : لَا بِشَفَاعَةٍ وَلَا غَيْرِهَا ، وَيَقُولُونَ : إِنَّ الْكَبِيرَةَ تُحْبِطُ جَمِيعَ الْحَسَنَاتِ ، وَلَا يَبْقَى مَعَ صَاحِبِهَا مِنِ الْإِيمَانِ شَيْءٌ .
وَقَدْ ثَبَتَ بِالنُّصُوصِ الْمُسْتَفِيضَةِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=treesubj&link=30444إِخْرَاجُ قَوْمٍ [36] مِنَ النَّارِ بَعْدَ مَا امْتُحِشُوا . وَثَبَتَ أَيْضًا
nindex.php?page=treesubj&link=30373_30377شَفَاعَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِهِ . وَالْآثَارُ بِذَلِكَ مُتَوَاتِرَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ ، أَعْظَمُ مِنْ تَوَاتُرِ الْآثَارِ بِنِصَابِ
[37] السَّرِقَةِ ، وَرَجْمِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ ، وَنُصُبِ الزَّكَاةِ ، وَوُجُوبِ الشُّفْعَةِ ، وَمِيرَاثِ الْجَدَّةِ ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ .
لَكِنْ
[38] هَذَا الْأَصْلُ لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي مِثْلِ
[39] nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ وَأَمْثَالِهِ مِمَّنْ شُهِدَ لَهُ بِالْجَنَّةِ ، وَأَنَّ اللَّهَ رَضِيَ عَنْهُ ، وَأَنَّهُ لَا يُعَاقِبُهُ فِي الْآخِرَةِ ، بَلْ نَشْهَدُ أَنَّ الْعَشَرَةَ فِي الْجَنَّةِ ، وَأَنَّ
أَهْلَ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فِي الْجَنَّةِ ، وَأَنَّ
أَهْلَ بَدْرٍ فِي الْجَنَّةِ ، كَمَا ثَبَتَ الْخَبَرُ بِذَلِكَ
[40] عَنِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ ، [ الَّذِي لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ]
[41] . وَقَدْ دَخَلَ فِي الْفِتْنَةِ خَلْقٌ مِنْ
[ ص: 205 ] هَؤُلَاءِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ ، وَالَّذِي قَتَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=56عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ هُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=10050أَبُو الْغَادِيَةِ [42] ، وَقَدْ قِيلَ : إِنَّهُ مِنْ
أَهْلِ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ ، ذَكَرَ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابْنُ حَزْمٍ .
فَنَحْنُ نَشْهَدُ
nindex.php?page=showalam&ids=56لِعَمَّارٍ بِالْجَنَّةِ ، وَلِقَاتِلِهِ إِنْ كَانَ مِنْ [
أَهْلِ ] بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ [43] بِالْجَنَّةِ . وَأَمَّا عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطِلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ فَهُمْ أَجَّلُ قَدْرًا مِنْ غَيْرِهِمْ ، وَلَوْ كَانَ مِنْهُمْ مَا كَانَ ، فَنَحْنُ لَا نَشْهَدُ أَنَّ الْوَاحِدَ مِنْ هَؤُلَاءِ لَا يُذْنِبُ ، بَلِ الَّذِي نَشْهَدُ بِهِ أَنَّ الْوَاحِدَ مِنْ هَؤُلَاءِ إِذَا أَذْنَبَ ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُهُ فِي الْآخِرَةِ ، وَلَا يُدْخِلُهُ النَّارَ ، بَلْ يُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ بِلَا رَيْبٍ ، وَعُقُوبَةُ الْآخِرَةِ تَزُولُ عَنْهُ : إِمَّا بِتَوْبَةٍ مِنْهُ ، وَإِمَّا بِحَسَنَاتِهِ الْكَثِيرَةِ
[44] ، وَإِمَّا بِمَصَائِبِهِ الْمُكَفِّرَةِ ، وَإِمَّا بِغَيْرِ ذَلِكَ ، كَمَا قَدْ بَسَطْنَاهُ فِي مَوْضِعِهِ .