الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  [ ص: 429 ] الوجه الثالث عشر [1] : أن يقال : العصمة الثابتة للإمام : أهي فعله للطاعات باختياره وتركه للمعاصي باختياره ، مع [2] أن الله تعالى عندكم لا يخلق اختياره ؟ أم هي خلق الإرادة له ؟ أم [3] سلبه القدرة على المعصية .

                  فإن قلتم بالأول ، وعندكم أن الله لا يخلق اختيار الفاعلين ، لزمكم أن الله لا يقدر على خلق معصوم .

                  وإن قلتم بالثاني ، بطل أصلكم الذي ذهبتم إليه في القدرة .

                  وإن قلتم : سلب القدرة على المعصية ، كان [ المعصوم ] عندكم [4] هو العاجز عن الذنب . كما يعجز الأعمى عن نقط المصاحف ، والمقعد عن المشي .

                  والعاجز عن الشيء لا ينهى عنه ولا يؤمر به ، وإذا لم يؤمر وينه لم يستحق ثوابا على الطاعة ، فيكون المعصوم عندكم لا ثواب له على ترك معصية ، بل [5] ولا على فعل طاعة . وهذا غاية النقص .

                  وحينئذ فأي مسلم كان خيرا من هذا المعصوم ، إذا أذنب ثم تاب ؛ لأنه بالتوبة محيت سيئاته ، بل بدل بكل سيئة حسنة مع حسناته المتقدمة ، فكان ثواب المكلفين خيرا من المعصوم عند هؤلاء ، وهذا يناقض قولهم غاية المناقضة .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية