وجواب سابع : وهو أن يقال : [1] لأجل إعدام الأقل منها أوجبتم نصبه .
فيقال : الأمر بالعكس ، فإن - رضي الله عنه - تولى بدون هذا الفساد أبا بكر . أنتم أوجبتم النص ، لئلا يفضي إلى التشاجر ، المفضي إلى أعظم أنواع الفساد التي وعمر توليا بدون هذا الفساد . ( * فإنما عظم هذا الفساد في الإمام الذي ادعيتم أنه منصوص عليه دون غيره ، فوقع في ولايته من أنواع التشاجر والفساد * ) وعثمان [2] [ التي ] لأجل [3] إعدام الأقل منها أوجبتم نصبه ، فكان ما جعلتموه وسيلة إنما حصل معه نقيض المقصود ، [ وحصل المقصود ] [4] بدون وسيلتكم ، فبطل كون ما ذكرتموه وسيلة إلى المقصود .
[ ص: 449 ] وهذا لأنهم أوجبوا على الله ما لا يجب عليه ، وأخبروا بما لم يكن ، فلزم من كذبهم وجهلهم هذا التناقض .
وجواب ثامن : وهو أن يقال : النص [5] الذي يزيل هذا [6] الفساد يكون على وجوه : أحدها : أن يخبر النبي [ - صلى الله عليه وسلم - ] [7] بولاية الشخص ويثني عليه في ولايته ، فحينئذ تعلم الأمة أن هذا إن [8] تولى كان محمودا مرضيا ، فيرتفع النزاع ، وإن لم يقل : ولوه .
وهذا النص وقع لأبي بكر . وعمر
الثاني : أن يخبر بأمور تستلزم صلاح الولاة ، وهذه النصوص وقعت في خلافة أبي بكر . وعمر
الثالث : أن [9] يأمر من يأتيه أن يأتي بعد موته شخصا يقوم مقامه ، فيدل على أنه خليفة من بعده . وهذا وقع لأبي بكر [10] .
الرابع : أن يريد كتابة كتاب ، ثم يقول : إن الله والمؤمنين لا يولون إلا فلانا ، وهذا وقع . لأبي بكر
الخامس : أن يأمر بالاقتداء بعده بشخص ، فيكون هو الخليفة بعده .
السادس : أن يأمر باتباع سنة خلفائه الراشدين المهديين ، ويجعل [ ص: 450 ] خلافتهم إلى مدة معينة ، فيدل على أن المتولين في تلك المدة هم الخلفاء الراشدون .
السابع : أن يخص بعض الأشخاص بأمر يقتضي أنه هو المقدم عنده في الاستخلاف ، وهذا موجود . لأبي بكر
وهنا جواب تاسع [11] : وهو أن يقال : ترك النص على معين أولى بالرسول ، فإنه إن كان [12] النص ليكون معصوما ، فلا معصوم [13] بعد الرسول . وإن كان بدون العصمة [14] فقد يحتج بالنص على وجوب اتباعه في كل ما يقول ، ولا يمكن أحد [15] بعد موت الرسول أن يراجع الرسول في أمره ليرده أو يعزله [16] ، فكان أن لا ينص [17] على معين أولى من النص . وهذا بخلاف من يوليه في حياته ، فإنه إذا [18] أخطأ أو أذنب أمكن الرسول بيان خطئه ورد ذنبه ، وبعد موته لا يمكنه ذلك ولا يمكن الأمة عزله لتولية [19] الرسول إياه ، فكان [20] عدم النص على معين - مع علم المسلمين بدينهم - أصلح للأمة ، وكذلك وقع .
وأيضا لو نص على معين ليؤخذ الدين منه [21] ، كما تقوله الرافضة ، [ ص: 451 ] بطلت حجة الله ، فإن ذلك لا يقوم به شخص واحد غير الرسول ، إذ لا معصوم إلا هو .
ومن تدبر هذه الأمور وغيرها علم أن ما اختاره الله لمحمد [ - صلى الله عليه وسلم - ] [22] وأمته أكمل الأمور .