الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  الوجه الخامس عشر : أن يقال : غاية ما في الآية أن المؤمنين عليهم موالاة الله ورسوله والمؤمنين ، فيوالون عليا . ولا ريب أن موالاة علي واجبة على كل مؤمن ، كما يجب على كل مؤمن مولاة أمثاله من المؤمنين .

                  قال تعالى : ( وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين ) [ سورة التحريم : 4 ] . فبين الله أن كل صالح من المؤمنين فهو [1] مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، [2] والله مولاه ، وجبريل مولاه ، وليس في كون الصالح من المؤمنين مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [3] ، كما أن الله مولاه ، وجبريل مولاه ، أن يكون [4] صالح المؤمنين متوليا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولا متصرفا فيه .

                  وأيضا فقد قال تعالى : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) [ ص: 28 ] [ سورة التوبة : 71 ] ، فجعل كل مؤمن وليا لكل مؤمن . وذلك لا يوجب أن يكون أميرا عليه معصوما ، لا يتولى عليه إلا هو .

                  وقال تعالى : ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون . الذين آمنوا وكانوا يتقون ) [ سورة يونس : 62 - 63 ] ، فكل مؤمن تقي [5] فهو ولي لله ، والله وليه . كما قال تعالى : ( الله ولي الذين آمنوا ) [ سورة البقرة : 257 ] وقال : ( ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم ) [ سورة محمد : 11 ] وقال : ( إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا ) [6] إلى قوله : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) [ سورة الأنفال : 72 - 75 ] .

                  فهذه النصوص كلها ثبتت فيها موالاة المؤمنين بعضهم لبعض ، وأن هذا ولي هذا ، وهذا ولي هذا ، وأنهم أولياء الله ، وأن الله وملائكته والمؤمنين موالي رسوله ، كما أن الله ورسوله والذين آمنوا هم أولياء المؤمنين . وليس في شيء من هذه النصوص أن من كان وليا للآخر كان أميرا عليه دون غيره ، وأنه يتصرف فيه دون سائر الناس .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية