الوجه الخامس عشر : أن يقال : ، فيوالون غاية ما في الآية أن المؤمنين عليهم موالاة الله ورسوله والمؤمنين . ولا ريب أن موالاة عليا واجبة على كل مؤمن ، كما يجب على كل مؤمن مولاة أمثاله من المؤمنين . علي
قال تعالى : ( وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين ) [ سورة التحريم : 4 ] . فبين الله أن كل صالح من المؤمنين فهو [1] مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، [2] والله مولاه ، وجبريل مولاه ، وليس في كون الصالح من المؤمنين مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [3] ، كما أن الله مولاه ، وجبريل مولاه ، أن يكون [4] صالح المؤمنين متوليا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولا متصرفا فيه .
وأيضا فقد قال تعالى : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) [ ص: 28 ] [ سورة التوبة : 71 ] ، فجعل كل مؤمن وليا لكل مؤمن . وذلك لا يوجب أن يكون أميرا عليه معصوما ، لا يتولى عليه إلا هو .
وقال تعالى : ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون . الذين آمنوا وكانوا يتقون ) [ سورة يونس : 62 - 63 ] ، فكل مؤمن تقي [5] فهو ولي لله ، والله وليه . كما قال تعالى : ( الله ولي الذين آمنوا ) [ سورة البقرة : 257 ] وقال : ( ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم ) [ سورة محمد : 11 ] وقال : ( إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا ) [6] إلى قوله : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) [ سورة الأنفال : 72 - 75 ] .
فهذه النصوص كلها ثبتت فيها موالاة المؤمنين بعضهم لبعض ، وأن هذا ولي هذا ، وهذا ولي هذا ، وأنهم أولياء الله ، وأن الله وملائكته والمؤمنين موالي رسوله ، كما أن الله ورسوله والذين آمنوا هم أولياء المؤمنين . وليس في شيء من هذه النصوص أن من كان وليا للآخر كان أميرا عليه دون غيره ، وأنه يتصرف فيه دون سائر الناس .