الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  وكان لهم أقوال فاسدة في العقل أيضا تلقوها من سلفهم الفلاسفة ، ( * ورأوا أن [1] ما تقوله فيه ما يخالف العقول ، وطعنوا بذلك [ ص: 322 ] الفلاسفة * ) [2] ، ورأوا أن ما تواتر عن الرسل يخالفها فسلكوا طريقتهم الباطنية [3] فقالوا : إن الرسل لم تبين العلم والحقائق التي يقوم عليها البرهان في الأمور العلمية ، ثم منهم من قال : إن الرسل علمت ذلك وما بينته ، ومنهم من يقول : إنها لم تعلمه وإنما كانوا بارعين في الحكمة العملية دون الحكمة العلمية ، ولكن خاطبوا الجمهور بخطاب تخييلي ، خيلت لهم في أمر الإيمان بالله واليوم الآخر ما ينفعهم اعتقاده في سياستهم ، وإن كان ذلك اعتقادا باطلا لا يطابق الحقائق .

                  وهؤلاء المتفلسفة [4] لا يجوزون تأويل ذلك ؛ لأن المقصود بذلك عندهم التخييل ، والتأويل يناقض مقصوده ، وهم يقرون بالعبادات ، لكن يقولون مقصودها إصلاح أخلاق النفس ، وقد يقولون : إنها تسقط عن الخاصة العارفين بالحقائق ، فكانت بدعة أولئك المتكلمين مما أعانت إلحاد هؤلاء الملحدين .

                  وقد بسط الكلام [5] في كشف أسرارهم وبيان مخالفتهم لصريح المعقول وصحيح المنقول في غير هذا الموضع ، وذكر أن المعقولات[6] الصريحة موافقة لما أخبرت به الرسل لا تناقض ذلك ، ونبهنا في مواضع على ما يستوجب الاستغناء عن الطرق الباطلة [ المبتدعة ] [7] وما به يعلم [ ص: 323 ] ما يوافق خبر الرسول ، وبينا أن الطرق [8] الصحيحة في المعقول هي مطابقة لما أخبر به الرسول ، مثل هذه الطرق وغيرها [9] .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية