وكان لهم أقوال فاسدة في العقل أيضا تلقوها من سلفهم الفلاسفة ، ( * ورأوا أن [1] ما تقوله فيه ما يخالف العقول ، وطعنوا بذلك [ ص: 322 ] الفلاسفة * ) [2] ، ورأوا أن ما تواتر عن الرسل يخالفها فسلكوا طريقتهم الباطنية [3] فقالوا : إن ، ثم منهم من قال : إن الرسل علمت ذلك وما بينته ، ومنهم من يقول : إنها لم تعلمه وإنما كانوا بارعين في الحكمة العملية دون الحكمة العلمية ، ولكن خاطبوا الجمهور بخطاب تخييلي ، خيلت لهم في أمر الإيمان بالله واليوم الآخر ما ينفعهم اعتقاده في سياستهم ، وإن كان ذلك اعتقادا باطلا لا يطابق الحقائق . الرسل لم تبين العلم والحقائق التي يقوم عليها البرهان في الأمور العلمية
وهؤلاء المتفلسفة [4] لا يجوزون تأويل ذلك ؛ لأن المقصود بذلك عندهم التخييل ، والتأويل يناقض مقصوده ، وهم يقرون بالعبادات ، لكن يقولون مقصودها إصلاح أخلاق النفس ، وقد يقولون : إنها تسقط عن الخاصة العارفين بالحقائق ، فكانت بدعة أولئك المتكلمين مما أعانت إلحاد هؤلاء الملحدين .
وقد بسط الكلام [5] في كشف أسرارهم وبيان مخالفتهم لصريح المعقول وصحيح المنقول في غير هذا الموضع ، وذكر أن المعقولات[6] الصريحة موافقة لما أخبرت به الرسل لا تناقض ذلك ، ونبهنا في مواضع على ما يستوجب الاستغناء عن الطرق الباطلة [ المبتدعة ] [7] وما به يعلم [ ص: 323 ] ما يوافق خبر الرسول ، وبينا أن الطرق [8] الصحيحة في المعقول هي مطابقة لما أخبر به الرسول ، مثل هذه الطرق وغيرها [9] .