الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  فصل

                  قال الرافضي [1] : " البرهان الرابع والثلاثون : قوله تعالى : ( وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا ) [ سورة الفرقان : 54 ] وفي تفسير الثعلبي عن ابن سيرين قال : نزلت في النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلي بن أبي طالب [2] : زوج فاطمة عليا [3] ، وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا [4] ، ولم يثبت لغيره ذلك ، فكان أفضل ، فيكون هو الإمام " [5] .

                  والجواب من وجوه : أولا : المطالبة بصحة النقل .

                  وثانيا : أن هذا كذب على ابن سيرين بلا شك .

                  وثالثا : أن مجرد قول ابن سيرين الذي خالفه فيه الناس ليس بحجة .

                  الرابع : أن يقال : هذه الآية في سورة الفرقان ، وهي مكية . وهذا من الآيات المكية باتفاق الناس قبل أن يتزوج علي بفاطمة ، فكيف يكون ذلك قد أريد به علي وفاطمة ؟ .

                  [ ص: 265 ] الخامس : أن الآية مطلقة في كل نسب وصهر [6] ، لا اختصاص لها بشخص دون شخص ، ولا ريب [7] أنها تتناول مصاهرته لعلي ، كما تتناول مصاهرته لعثمان مرتين ، كما تتناول مصاهرة أبي بكر وعمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج عائشة بنت أبي بكر ، وحفصة بنت عمر - من أبويهما ، وزوج عثمان برقية ، وأم كلثوم بنتيه ، وزوج عليا بفاطمة ، فالمصاهرة [8] ثابتة بينه وبين الأربعة . وروي عنه أنه قال : " لو كانت عندنا ثالثة لزوجناها عثمان " [9] وحينئذ فتكون المصاهرة مشتركة بين علي وغيره ، فليست من خصائصه ، فضلا عن أن توجب أفضليته وإمامته عليهم .

                  السادس : أنه لو فرض أنه أريد بذلك مصاهرة * علي ، فمجرد المصاهرة لا تدل على أنه أفضل من غيره باتفاق [ أهل ] [10] السنة والشيعة ، فإن المصاهرة * [11] ثابتة لكل من الأربعة ، مع أن بعضهم أفضل من بعض ، فلو كانت المصاهرة توجب الأفضلية للزم التناقض .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية