فصل
[1] . : " البرهان التاسع والثلاثون : قوله تعالى : ( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ) [ سورة الأعراف : 172 ] قال الرافضي [2] في [3] . كتاب " الفردوس " [ ص: 289 ] لابن شيرويه يرفعه عن ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : حذيفة بن اليمان لو يعلم الناس متى سمي أمير المؤمنين ما أنكروا فضله ، سمي أمير المؤمنين علي وآدم بين الروح والجسد . قال تعالى : ( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم [ سورة الأعراف : 172 ] [4] . قالت الملائكة : بلى ، فقال - تبارك وتعالى - أنا ربكم ، ومحمد نبيكم ، أميركم وعلي . وهو صريح في الباب " .
والجواب من وجوه : أحدها : منع الصحة ، والمطالبة بتقريرها . وقد أجمع أهل العلم بالحديث على أن مجرد رواية صاحب " الفردوس " لا تدل على أن الحديث صحيح ، فابن شيرويه الديلمي الهمذاني ذكر في هذا الكتاب أحاديث كثيرة صحيحة وأحاديث حسنة * وأحاديث موضوعة ، وإن كان من أهل العلم والدين ، ولم يكن ممن يكذب هو ، لكنه نقل ما في كتب الناس ، والكتب * [5] . فيها الصدق والكذب ، ففعل [6] . كما فعل كثير من الناس في جمع الأحاديث : إما بالأسانيد ، وإما محذوفة الأسانيد .
الثاني : أن هذا الحديث كذب موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث [7] . .
[ ص: 290 ] الثالث : أن الذي في القرآن أنه قال : ( ألست بربكم قالوا بلى ) ليس فيه ذكر النبي ولا الأمير ، وفيه قوله : ( أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم ) [ سورة الأعراف : 173 ] . فدل على أنه ميثاق التوحيد خاصة ; ليس فيه ميثاق النبوة ; فكيف ما دونها ؟ .
الرابع : أن الأحاديث المعروفة في هذا ، التي في المسند والسنن والموطأ [8] . وكتب التفسير وغيرها ، ليس فيها شيء من هذا . ولو كان ذلك مذكورا في الأصل لم يهمله جميع الناس ، وينفرد به من لا يعرف صدقه ، بل يعرف أنه كذب .
الخامس : أن الميثاق أخذ على جميع الذرية ، فيلزم أن يكون أميرا على الأنبياء كلهم علي ، من نوح إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - . وهذا كلام المجانين ; فإن أولئك ماتوا قبل أن يخلق الله ، فكيف يكون أميرا عليهم ؟ . عليا
وغاية ما يمكن أن يكون أميرا على أهل زمانه . أما الإمارة على من خلق قبله ، وعلى من يخلق بعده ، فهذا من كذب من لا يعقل ما يقول ، ولا يستحي فيما يقول . [9] .
ومن العجب أن هذا الحمار الرافضي الذي [10] . هو أحمر من عقلاء اليهود ، الذين قال الله فيهم : ( مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا ) [ سورة الجمعة : 5 ] . والعامة معذورون في [ ص: 291 ] قولهم : الرافضي حمار اليهودي ، وذلك أن عقلاء اليهود يعلمون أن هذا ممتنع عقلا وشرعا ، وأن هذا كما يقال : خر عليهم السقف من تحتهم فيقال [11] . : لا عقل ولا قرآن .
وكذلك كون أميرا على ذرية آدم كلهم علي [12] . ، وإنما ولد بعد موت آدم بألوف السنين ، وأن يكون أميرا على الأنبياء الذين هم متقدمون عليه في الزمان والمرتبة ، وهذا من جنس قول ابن عربي الطائي وأمثاله من ملاحدة المتصوفة [13] . الذين يقولون إن الأنبياء كانوا يستفيدون العلم بالله من مشكاة خاتم الأولياء ، الذي وجد بعد محمد بنحو ستمائة سنة [14] 206 . فدعوى هؤلاء في الإمامة من جنس دعوى هؤلاء في الولاية ، وكلاهما يبني أمره على الكذب والغلو والشرك والدعاوي الباطلة ، ومناقضة الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة .
ثم إن هذا الحمار الرافضي يقول : " وهو صريح في الباب " فهل يكون هذا حجة عند أحد من أولي الألباب ؟ أو يحتج بهذا من يستحق [15] . [ ص: 292 ] أو يؤهل للخطاب ؟ فضلا عن أن يحتج به في تفسيق خيار هذه الأمة وتضليلهم وتكفيرهم وتجهيلهم ؟ .
ولولا أن هذا المعتدي الظالم قد اعتدى على خيار أولياء الله ، وسادات أهل الأرض ، خير خلق الله بعد النبيين اعتداء يقدح في الدين ، ويسلط الكفار والمنافقين ، ويورث الشبه والضعف عند كثير من المؤمنين - لم يكن بنا حاجة إلى كشف أسراره ، وهتك أستاره ، والله حسيبه وحسيب أمثاله .